للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طرق الإجماع سيَّما الاجتهادُ، وجَوْدةُ النظرِ، والاستدلالُ بالرأيِ (١) لا يقفُ على القريبِ، أَلا ترى أنّ معاذَ بنَ جبلٍ لما بَعُدَ عنه إلى اليمنِ قالَ: أجتهدُ رأيى، فكانَ رآيه مَعَ بُعدِه كالرأيِ ممَّن قَرُبَ منْه - صلى الله عليه وسلم -، وليسَ فيما ذكروهُ بحِدَتِه مِن القربِ ما يوجب العصمةَ، وإنما غايةُ ما تحصلُ به العصمةُ اتفاق أهلِ الاجتهادِ على حكمِ الحادثةِ، وليسَ في القربِ ما يُقَوِّي الاجتهادَ إلى الحدِّ الذي ينفي الخطأَ، وفي إجماع أهلِ العلمِ ما ينفي، كما أنَّ جماعةً يحصلُ بخبرِهم المتواترِ (٢) [ما] يوجبُ العلم (٣)، ولا يوجبُ العلم روايةُ جماعةٍ دونَهم لهم (٤) تخصُّص بما رووه وقُربٌ ممن رووا عنْه.

فصل

في التًابعيِّ إذا أدركَ عصرَ الصَّحابةِ وهو من أهلِ الاجتهادِ، فيه روايتانِ: إحداهما: لا يعتدُّ بخلافِه، نصرَها شيخُنا في "العدَّة" (٥)، والثانيةُ؛ يعتدُّ بخلافِه، وهي الأصحُّ عندِي.

وبالثانية قالَ المتكلمونَ وأكثرُ أصحابِ أبي حنيفةَ (٦)، وأصحاب


(١) في الأصل: "الذي".
(٢) في الأصل: "المتواهم"، وباسقاط "ما".
(٣) في الأصل: "العمل".
(٤) في الأصل: "له".
(٥) انظر "العدة" ٤/ ١١٥٢.
(٦) انظر "أصول السرخسى" ٢/ ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>