للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكثيرِ، لكنَّ الكثيرَ جُمْلةٌ فيها أَضْعافُ ذلكَ القليلِ، وإباحةُ القليلِ لاتعطي إباحةَ الكثيرِ، ولا يدخلُ الكثيرُ في القليلِ إباحةً وعفواً.

فصل

اختلف الناسُ في العلةِ التي لأجلِها لم يَحْصُلْ لنا العلمُ الضروريُّ بصحَّةِ قولِ الأعدادِ الذين بخَبَرِهم (١) يحصلُ التواترُ، وحصلَ بخبرهم عن دركِ الحواسِّ العلمُ الضَّروريّ.

فقالَ قوم: العلةُ في ذلكَ: [أنهم] في أنفسِهم غيرُ مضطرينَ بالعلمِ الاستدلاليِّ إلى ما أفضى بهمُ الاستدلالُ إليهِ، مثل: القول بحدث العالمِ، أو إثباتِ الصانع، فإذا كانوا غيرَ مضطرينَ في أنفسِهم، استحالَ أنْ يكونَ السَّامعُ منهم مضطراً، فيكونُ الفرعُ أكثرَ منْ أصلِهِ.

وقال قوم: إنَّ هذا ليسَ بتعليلٍ صحيحٍ، لأنه باطل بما يخبرنا به المهندسونَ منَ المقادير والنهاياتِ والخطوطِ، فإنّا لانجدُ أنفسَنا مضطرينَ إلى علمه، وإن كثر عددهم، فكانوا ببراهينهم (٢) قاطعين بما أخبروا به مضطرين، فلوْ كانت العلةُ في كونِنا مضطرينَ إلى علمِ ما أخْبَرَنا بهِ أربابُ الحواسِّ كونَهم أخبرونا عنْ علمٍ ضروري، لكنا مضطرينَ إلى ما يخبرنا به أهلُ الهندسةِ وعلمِ الهيئةِ، لأنَّهمْ أخبرونا عنْ ضرورةٍ تجري مجرى درَكِ الحواسَ.


(١) فِى الأصل: "التي بتاخرهم".
(٢) في الأصل: "براهينهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>