للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهبَ قومٌ: إلى المنع من ذلكَ عقلاً، وأجازُوه سمعاً، غيرَ أنَّهم زعمُوا أنَّه لم يرِد.

وقال قومٌ: يجوزُ عقلاً، لكن السمع وَرَدَ بالمنعِ منه.

فصلٌ

في أدلتِنا

فمن ذلكَ: أنَّ الله سبحانه أوجبَ الصومَ في ابتداءِ الإسلامِ على الوجهِ الأسهلِ، وهو التخييرُ بينَ التعبدِ بهِ، وبينَ الفديةِ في المالِ، وَحَتَّمَه بصومِ رمضان، فقال: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥]، فهذا نسخُ الأسهل بالأثقلِ.

وكذلك كان الحدُّ على الزنى، الحبسَ في البيوتِ، والتعنيفَ، والأذى بالتَّهْجين (١)، ونسخ ذلك بالضربِ بالسياطِ، والتغريب عن الوطنِ في حقَ الأبكار، والرجم بالحجارة في حق الثيبِ، وهذْا نسخٌ للأسهلِ إلى الأكبرِ والأثقل.

وكذلكَ كان الصفحُ والِإغْضاءُ والعفوُ، ثمَّ نُسِخَ ذلك بقتلِ المشركينَ كافةً وقتالِهم، وهو أصعبُ وأشدُّ.

وأمَّا من جهةِ الاستنباط: فإنَّ النسخَ قد يكونُ لأجلِ الأصلح، وكم من أصلح قد يكونُ بتكليف الأثقلِ والأشقِّ، وقد يكونُ بالمشيئة المطلقةِ، وكم يقعُ بها الأثقل، كما يقعُ عنها الأسهلُ.


= والسبكي في "الإبهاج" ٢/ ١٥٤، وفنَّدوا قول المخالفين.
(١) أي: التعيير والتقبيح في الكلام. "الصحاح": (هجن).

<<  <  ج: ص:  >  >>