للتذكير من حيث سؤال أم سلمة وعائشة، ونساءُ العرب أعرفُ بالوضع، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم سيد اللغةِ لم يُنكِر عليها السؤالَ ويقول: إنَّ الصيغةَ موضوعةٌ للجميع، واقرارُه كقوله.
ومن ذلك: قولهم: إنَّ للإناث وحدةً وتثنيةً وجمعاً، ولكل ذلكَ لفظ يخصُّهن، فيقالُ: مؤمنةٌ، ومؤمنتان، ومؤمنات، وللذكورِ اسم يخصُّهم أيضاً في الواحدِ والاثنينِ والثلاثةِ، فيقال: مؤمن في الواحد، وفي الاثنين: مؤمنان، وفي الجمع مؤمنون، فكما لا يدخلُ النساء في تأحيدِ التذكيرِ ولا التثنية، كذلكَ في الجمع، وكما لا يدخلُ المذكرُ في جمع المؤنث، كذلك لا يدخل المؤنث في جمع المذكر.
ولهذا فصَّلَ الباري بينهنّ فقال:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}[الأحزاب: ٣٥] إلى جميع ما عدَّد من الأوصاف، ولو كنَ قد دخلن في الجمعِ الأولِ لم يكن للإعادةِ معنى، وصار بمثابةِ جمعِ المؤمنين لا يدخل الكفارُ، وجمعِ الأبرارِ لا يدخل فيه الفجارُ، وكذلك جمعُ الذكورِ لا يدخل فيه الِإناثُ إلا بدلالةٍ.
وحرَّره بعضهم قياساً، فقال: مالا يدخلُ في اسمِ الواحدِ والتثنيةِ لا يدخل في الجمعِ: كاسمِ الذكورِ لا يدخلُ في جمعِ الِإناثِ.
فصل
يجمعُ الأجوبةَ عن شبههم
أمَّا سؤالُ أمِّ سلمة وعائشة، فإنَّما وقَع عن عدمِ تخصيصهن بالذكر من طريق الصريح، ولم تقنع بالعمومِ من غيرِ تخصيصهن بالذكر.