وقال بنفيه من الفقهاء أيضاً داودُ بن علىّ الأصفهاني، والقاساني، والنهرباني، والمغربي ومَنْ قال بقولِهمِ.
ثم إنَّ الكلَّ منهم افترقوا فرقتين، فقال مَنْ قدَّمنا ذِكرَه من المعتزلةِ البغداديين وغيرهم: إنَّه محال من جهةِ العقلِ ورودُ التعبدِ بالقياسِ في الأحكامِ.
وقال داودُ وابنُه ومَنْ صار إلى قولهما: إنه قد كان جائزاً من جهةِ العقلِ ورودُ التعبُّدِ به، لكن لم يَرِدْ بذلك، بل ورد بحظرِه ومنعِه.
واختلف المُحِيلون لورود التعبُّدِ به من جهةِ العقل في نسبة إحالة ذلك وعِلته، فقال بعضهم: إنما استحال ذلك لأنه لا يمكن معرفةُ الأحكامِ من جهته، لأنها مبنيَّة على الصالح التي لاتدركُ به، ولا بأمارة تؤدِّيه إلى غلبة الظن.
وقال بعضُهم: إنَّما أحاله العقلُ ولم يجوِّزه؛ لأنَّ في القولِ به ما يقتضي وجوبَ الحكم بالتضادِّ الممتنع.
وقال بعضُهم: إنَّما لم يَجُزْ، لأنَّه اقتصار على أدون البيانين مع القدرةِ على أعلاهما، وهو النَّصُّ، وذلك محال في صفتِه وحكمته.
فالذي ينبغي أن يبدأ به الدلالة على فسادِ مقالاتِهم أوَّلاً، ثم نُتبعُ ذلك بالتقريرِ لورود السَّمع بذلك إنْ شاء الله.
فصل
في دلائلنا
فمنها: أن نقول: إذا جازَ في العقلياتِ أن يثبت الحكمُ في الشَّيءِ