فمنها: لتقرير إبطالِ أصل القولِ به؛ ليعمَّ هذه المسألة وغيرَها: أن نقولَ: لا يخلو أنْ يكونَ المتولدُ غيرَ منسوبٍ إلى فاعلٍ، بل منسوبٌ إلى ما يتولدُ عنه من الفعلِ الذي سبقَه، كالاعتمادِ في السهم والحجر، ولا يجوزُ ذلكَ؛ لأنَّه لو كانَ لنا حادثٌ لا عن فاعلٍ، لاستغنت كلُّ الحوادث، وجازَ وجودها من غير فاعل ومحدث، وأمَّا أن تكون من فعل الفاعل الذي صدر عنه الاعتمادُ في السهمِ والحجرِ، فكانَ يجبُ أن يدخلَ تحت قدرتهِ إيقافُه عن مرورِه في المسافةِ، وقطعِ تلك الأبعاد، فلمَّا لم يقدر على إيقافِه، دلَّ على أنَّه خارجٌ عن مقدورِه، فلا وجه لنسبته إليه، وأَمَّا أن يكون ماراً بنفسه لا لمعنى، فكانَ يجبُ أن يوجدَ خروجُه ابتداءً من غيرِ معنى، وذلك القولُ بحادثٍ من غيرِ محدِثٍ، وأَمَّا أن يكونَ واجب المرور، فكانَ يجبُ أن لا يقفَ عند غايةٍ ما لم يمنعه مانعٌ كهبوطِ الحجرِ نحو المركزِ، مهما وجد أبعاداً خاليةً استدام الهبوط، فإذا بطلت هذه الأقسامُ، لم يبقَ إلا أنه بفعلِ الله سبحانه.
فإن قيل: يجوزُ أن يكونَ صدْرُه عن معنى، وتَجدُّدُ ما يَتجددُ من ذهابهِ في الجهةِ لا لمعنى، كما أنَّ الصوتَ يحدثُ بصَكَّةِ الجسم وفعلِ فاعلِ الصَّكَّةِ، وفناء الصوت لا بمعنى ولا معنى.
قيل: ذلكَ واجبٌ، ولهذا لا يصحُّ إبقاؤُه ولا إدامتُه، ومرورُ