العقليَّةِ والسمعيَّةِ، مثالُ ذلك: أن خَبَرَ الثَّقةِ عند المجتهدِ: أن هذا الطعامَ مسمومٌ، صَحَّحَ الحكمَ عنده بأنه مسمومٌ، وإذا صحَّ الحكمُ عنده بأنه مسمومٌ، وجبَ عليه تجنُّبه، وكذلك إذا أخبرَه الثِّقةُ بسببٍ يُوجِبُ مثله تنجيسَ الماءِ، وجبَ عليه تجنُّبُه.
فصل
فيما سمّاهُ قومٌ من المتكلِّمين: العِلَّةَ المولَّدةَ؛ تغريباً للعبارةِ فيه والمتولدُ لا أصلَ له عندنا، وإنما هو مذهبُ أهل الطبْعِ والاعتزالِ، ذكرتُه حتى لا تفوتَ معرفةُ ما تحتَه بتغريبِ تسميتِه.
والعلَّةُ المولَّدةُ عندهم: هي التي يُوجِب وجودُها غيرَها، ولا يخلو أن يُوجَدَ عَقِيبَها بلا فَصْلٍ، أو يوجَدَ معها، وذلك كالاعتمادِ الذي توجَدُ عنه الحركةُ، فقالوا: إن الحركةَ تولَدتْ عن الاعتمادِ، فسَمَّوْها: مولَّدةً، وعندنا وجِدَتْ عقِيبَ الاعتمادِ؛ فلا تكونُ عندنا مولَّدةً بناءً على أصلِنا في إبطالَ التوُّلدِ.
فأمَّا التي تكونُ لسببٍ والسببُ في حالِ تحركِه: كالخاتِمِ في اليَدِ، تقعُ حركةُ الخاتَمِ وحركةُ اليدِ معاً في حالةٍ واحدةٍ.
والعلَّةُ عندهم على ضَرْبَيْنِ: مولِّدةٍ، وموجبةٍ غيرِ مولِّدةٍ، فالعلَّةُ التي يجعلونها مولِّدةً: هي التي قدَّمنا ذكرَها، وَأما العلَّةُ الموجبةُ من غيرِ توليدٍ: فكالحركةِ إذا وُجِدَتْ أوجبَتْ متحركّاً بلا مَحَالَةَ.
وكلُّ علَّةٍ فلا بُدَّ أن توجِبَ متغيِّراً بها عمّا كان عليه على قولِ