للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذنِ وليِّها، فنكاحها باطل" (١) الخبر المعروف.

وحكى أبو سفيان عن أبي بكر الرازي أنه قال: هذا على وجهين (٢):

أحدهما: أن يكونَ الخبرُ محتمِلاً للتأويلِ، فلا يُلتفتُ إلى عملِ الصحابيِّ، كحديثِ ابن عمرَ في التفرُّقِ بين خبرِ المتبايعين وخيارهما (٣)، وحمله ذلك على التفرّق بالأبدان (٤)، فلا يعمل على تأويله.

والثاني أن يكون الخبرُ غيرَ محتمِلٍ للتأويل، فعمله بخلافِه يكونُ دليلاً على أنَّه عَرفَ نسخه، او عقلَ من دلالةِ الحالِ مرادَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه للندبِ دونَ الإيجابِ، وكان يحكي ذلكَ عن الكرخي، وحكى غيرُه عن الكرخيَّ أنَّ الأخذَ بما رواه أَوْلى مما عمل به من غيررتفصيلٍ (٥).

فصل

في دلالة الرواية الأولى

إنَّ كلامَ صاحبِ الشرع واجبٌ اتباعُه، وقولَ الراوي وعملَه قد يقعُ لشبهة أو اجتهادٍ يخطىءُ فيه، وقد يكون لدلالةٍ، فلا يجوزُ تركُ الحجّةِ لما يَحتمل هذه الاحتمالات.

وهذه الروايةُ التي تقولُ: إنَّ الصحابي كسائر المجتهدين، وليسَ قولُه حُجّةً، وأيضاً فإنَّ أبا حنيفةَ قال: ليسَ بيعُ الأمةِ المزوجةِ طلاقاً لها، واحتجّ هو وغيرُه بما رويَ عن ابنِ عباس أنَّ عائشةَ اشترت بَريرة، فأعتقتها، فخيرَّها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - (٦)، ولو


(١) تقدم تخريجه في ٢/ ١٤٧.
(٢) انظر قول أبي بكر الرازي هذا في "الفصول في الأصول" ٣/ ١٧٥.
(٣) تقدم تخريجه ٢/ ٤٤.
(٤) التفرق يكون بالقول ويكون بالبدن، وابن عمر رضي الله عنه حمل الحديث على التفرق بالأبدان، ولذلك قال نافع: كان ابن عمر إذا أعجبه شيءٌ , فارق صاحبه لكي يجبَ له.
أخرجه البخاري (٢١٠٧)، ومسلم (١٥٣١)، والترمذي (١٢٤٥)، والنسائي ٧/ ٢٥٠، والبيهقي ٥/ ٢٦٩، وابن حبان (٤٩١٢).
(٥) انظر "العدة" ٢/ ٥٩١، و"أصول السرخسي"٢/ ٦، و"المسودة": ١٢٩.
(٦) عن ابن عباس قال: اشترت عائشة بريرة من الأنصار لتعتقها، واشترطوا عليها أن تجعلَ لهم=

<<  <  ج: ص:  >  >>