للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليسَ لأحدٍ أنْ يدفعَ هذا بأن يقول: ليس للتخييرِ بين فعلِ أيِّ أجزاءِ الضرب شاء، وفي أيّ الرجالِ شاءَ لفظ، والأمرُ إنما اقتضى أمراً معيناً في رَجُلٍ معيّن، فلا وجهَ للتخيير، لأنَّنا قد بّينا فيما سلف أنَّه إذا لم يعيّن جزءاً من الفعل، ولا وقتاً له، فقد خيّره في أي جزء شاء أنْ يفعله في أيّ وقتٍ شاء بغيروجهٍ، فبطلَ ما قالوه.

قال: وأما قولهم: إنَّ الدليلَ لم يَدُلَّ على أن إثباتَ العزم بدلًا من الفعل، فليس الأمرُ كذلك، بل قد قامَ الدليلُ عليه، وإن كانَ الأمرُ به لا يقتضي إثباتَ بدلٍ منه، وهو أنَه إذا ثبتَ بما قدمناه أن الأمرَ بالفعل لا يقتضي تعجُّله، ولا يوجبُ تأثيمَ المؤخر له، ولا يقتضي أن يكون أمراً بفعلِ جزءٍ من الجنسِ في وقتٍ معين، وجبَ أن يكون أمراً بفعلٍ واحد من الجنسِ بغيرِ عينه، ومتى ثبتَ ذلك وجب تخييرُ المكلّفِ بين الفعلِ في كل وقتٍ، وبين تركهِ وفعلِ مثلهِ فيما بعد، وإذا كان له تركهُ في كل وقت لم يكن بُدّ من أن يكونَ له تركه على خلافِ تركِ النفلَ.

فصلٌ

في الأجوبةِ عمَّا ذكره أهلُ التراخي (١).

أمَّا قولُهم: ليسَ في الصيغةِ ما يقتضي زماناً ولا مكاناً، فكما لا يختص بمكانٍ، لا يختض بزمانٍ.


(١) تُنظر بعض هذه الأجوبة في "العدة" ١/ ٢٨٣ - ٢٨٩. و"التمهيد" ٢/ ٢٣٥ - ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>