للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدّ الندب.

قال: فإن قالَ منهم قائل: هذان الشرطانِ باطلان، لا سبيلَ إلى إثباتهما لأجلِ اتفاقِنا جميعاً على أنَّ الأمرَ اقتضاءُ وجوبِ الفعلِ، إمَّا بنفسهِ أو بقرينتهِ، وأنً ما يقتضي وجوبَ فعل معين لا يوجبُ فعلَ عزمٍ على فعلِ مثلهِ بدلَاً منه، ولايوجبُ فعلَ مثلهِ فيما بعد، ولاشيئاً غيره من سائرِ الأجناسِ، وإنَّما وجبَ فعلُه بعينه، وإذا كان هذا مقتضى الأمرِ بالفعل، وكانَ الكلام في مقتضاه، سقطَ ما وضعتم، لأنَّ ما قلتموه يوجبُ التخييرَ بينَ الفعلِ وبينَ مثلهِ فيما بعد، وبينه وبينَ العزمِ على فعلِ مثلهِ فيما بعد، فلا يقتضي التخيير بينَه وبينَ مثلهِ أو بينَ خلافهِ، ولا دلَّ أيضاً على ذلكَ دليل فيصارُ إليه، ولو دل عليه دليلٌ لم يكنْ ذلك من مقتضى الأمرِ وإنما كان من مقتضى الدليل، فليسَ الكلامُ في مقتضى الدليل، وإنَّما هو في مقتضى الأمرِ، فبَطَل ماقلتم.

قال: يقال لهم: إنً ما قلتموه ساقطٌ من وجهين (١):

أحدهما: أنَّ إطلاقَ الأمرِ بالفعلِ لا يقتضي إيقاعَ فعل معيَّن من ذلك الجنسِ المذكور في زمنٍ معيِّن، وإنما يقتضي إيقاعَ فعل واحدٍ من الجنسِ بغير عينه، وغيرِ تعيين الوقتِ، كما أنَّ قول الآمرِ: اضرب رجُلَاَ. لا يقتضي ضرباً معيناً في رَجُلٍ مُعَيّن، وإنما يقتضي فعل جزءٍ من الجنسِ في أيِّ الرجالِ شاءَ المكلّفُ.


(١) بيين ابن عقيل الوجه الأول، ولم يذكر الوجه الثاني!

<<  <  ج: ص:  >  >>