للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنَّ هذا السؤالَ لا نقولُ به، بل عندَك يجوزُ استثناء الأكثرِ, ومن جنسِه مايرفعُ الأصلَ وهو النسخُ؛ لأنَه تخصيصُ الزمانِ، كما أنَّ هذا تخصيصُ أعيانٍ.

فإن قيلَ: قد حدَّ الناسُ العمومَ بماشملَ اثنينِ فصاعداً، ولأنكم (١) إذا أبقيتموه على واحد لم يبقَ فيه للعمومِ مَساغٌ؛ لأنَّه لا يبقى ما يمكنُ معه التخصيصُ، وكل ما لا يدخلُه التخصيصُ فليس بعمومٍ.

قيلَ: باطلٌ بالاستثناءِ.

فصل

يجوزُ تخصيصُ العمومِ بدلالةِ العقلِ، وبه قالَ أكثرُ العلماءِ (٢)

وحكى بعض الأصوليين أنَّه زعم قوم أنه لا يجوز ذلك (٣).


(١) في الأصل: "أو لأنكم"، والمثبت أنسب للسياق.
(٢) "العدة" ٢/ ٥٤٧، و"التمهيد" ٢/ ١٠١، و"شرح الكوكب المنير" ٣/ ٢٧٩، و"الإحكام" للآمدي "٢/ ٤٥٩، و"المستصفى"٢/ ٩٩، و"البحر المحيط" ٣/ ٣٥٥، و"الفصول في الأصول" للجصَّاص ١/ ١٤٦، و"ميزان الأصول" ١/ ٤٦٧.
(٣) نسب الآمدي هذا الرأيَ لطائفةِ شاذةِ من المتكلمين "الإحكام" ٢/ ٤٥٩.
وقد ورد عن الإمام الشافعي بعض العبارات التي توهم إنكاره التخصيص بالعقل، من ذلك ما قاله في قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر ٦٢] أنه عام لا خصوصَ فيه.
"الرسالة": ٥٤ رغم أنَه لا تدخل تحت ذلك صفاتُ اللهِ سبحانه.
والخلاف كما ينصُّ الجويني، وابن القشيري، وإلكيا الطبري، وغيرهم من الأصوليين، خلاف لفظي، ذلك أن الجميعَ متفق على جواز دلالة النقل على خروج شيء عن حكم العموم، والاختلافُ في تسميةِ ذلكَ تخصيص، فالجمهور يسمونه تخصيصاً على اعتبار أنَّ اللفظ وفق أصل وضعه يصلح لشمول غير المعقول، والمخالفون يرونَ أن اللفظَ ابتداءَ لا يتناول غير المعقول؛ لأنَّه غير موضوع له. فغدا الخلاف خلافاً لفظياً، والنتيجة واحدة.
انظر "البرهان" ١/ ٤٠٩، و"المستصفى" ٢/ ١٠٠، و"البحر المحيط" ٣/ ٣٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>