للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاعتقادهم أنَ الله لا يَصِح أن يَنْهى عن شيءٍ أمرَ به بعدَ أمرِه به؛ لأن ذلك- على ما زعموا هم واليهودُ (١) - عينُ البَداءِ أو يوجبُ البَداءَ (٢)، أو أن يكون الحَسَنُ قبيحاً، والطَاعةُ عصياناً، والمرادُ مكروهاً، وأنَّ ذلك لا يقعُ إلا عن سفيهٍ، لا عن حكيمٍ، وطَوَّلوا القولَ في ذلك بناءً على ذلك الأصلِ، وأنه لا يجوزُ أن يَنْهى عما أمرَ به، ولا يُريدُ كونَ مانهى عنه.

فمن اتَّبَعَهم في الحدِّ انساقَ به تحديدهُ إلى هذا الأصلِ، وإنما سلكَه من الفقهاء مَنْ نقلَ من صحيفةٍ، أو أعجبه بالبادرة صورةُ اللَّفظِ واختصارُه، من غير رَوَيةٍ ولا معرفةٍ بما يُفضي إليه (٣).

فصل

في تصحيح حدِّنا، وبيانِ سلامتِه

والذي نختارُه في حدِّ النَسخِ ومعناه: أنه الخطابُ الدالُّ على ارتفاعِ الحكمِ الثابتِ بالخطاب المتقدِّمِ، على وجهٍ لولاه لكان ثابتاً


(١) قال العطار في "حاشيته على جمع الجوامع" ٢/ ١٢١: نبه الإمام أبو حفص البلقيني على أن حكاية خلاف اليهود في كتب أصول الفقه مما لا يليق؛ لأن الكلام في أصول الفقه فيما هو مقرر في الِإسلام، وفي اختلاف الفرق الِإسلامية، أما حكاية اختلاف الكفار، فالمناسب لذكرها أصول الدين.
(٢) فسره الطوفي بقوله: وهو أن الشارع بدا له ما كان خفي عنه، حتى نهى عما أمر به، أو أمر بما نهى عنه. "شرح مختصر الروضة" ٢/ ٢٦٢. وسيورد المؤلف فصلاً في الفرق بين النسخ والبداء فى ص ٢٣٧.
(٣) في الأصل: "يقضي الله"، وهو تحريف بيِّن.

<<  <  ج: ص:  >  >>