للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في الأجوبة عن شبهاتهم

أمَّا قولُه سبحانَه: {فاسآلوا أهلَ الذِّكْر} فإنما انصرفَ إلى العامَّةِ؛ يشهد لذلك شيئانِ:

أحدهما: أنَّه أمرَ بالسّؤال، والعالِمُ لايجبُ عليه السُّؤالُ، بل له العملُ باجتهادِه والفتيا (١ التي أفتى بها، والذي يجب عليه السؤال هو العامي.

الثاني: أنه أَمرَ بسؤال أهل الذكر، وهذا يقتضي أن يكون الخاطب بالسؤال غير أهل الذكر، فيجب أن تكون الآية خاصةً في العامّة، فلم يكن فيها حُجة ١).

وأمَّا قولُ عبدِ الرَّحمنِ لعلي وعثمانَ: في سنة الشَّيخين، فإنما قصدَ بذلك في حراسةِ الأمَّةِ، وسياسةِ الرَّعيَّةِ، وكفِّ النُفوسِ عن مالِ السلمين، والزَّهادةِ والقنوع باليسيرِ، والتحنُّنِ على الرَّعيةِ، والإشفاقِ، فأبى عليٌّ ذلكَ لعلمه بأنه لا يمكنُ ذلكَ لأمورٍ تجدَّدت، وشروطٍ عُدِمت، ودخلَ عثمانُ على ذلكَ وما أطاق.

والذي يدلُّ على أنَّ المرادَ به ذلك، أنَّ اتباعَهما في المجتهَداتِ وأحكامِ الحوادثِ، لايمكنُ، لاختلافِهما في أحكامٍ كثيرةٍ، فهذا كانَ يرى التسويةَ في العطاءِ، وهذا بعده كان يرى المفاضلةَ في العطاءِ، ومختلفان لا يمكن اتباعُهما.


(١ - ١) طمس في الأصل واستدرك من "التبصرة" ٤٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>