للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ولا يَقْتَضِي النَسخُ دلالَة على استدراكِه عِلْمَ ما لم يكنْ عالماً به سبحانه، ولا دَلالَةً على البَداء في إرادته؛ لأن الدَّلالةَ التي دلت على كونه عالماً بكلِّ معلومٍ في كل حالٍ مَنَعتْ أن يكونَ نسخُه للحكم بعد ثبوتِه دلالَةً على استدراك علمِ ما لم يكن به عالِماً، وبُدُوِّ ما لم يَكُ له بادياً، وما ذلك إلا بمثَابةِ ما صدَرَ عنه من الأفعال لُطْفاً وعَسْفاً، فلا لُطْفُ فعلِه دَل على رِقَةٍ وانفعالٍ، ولا عَسْفُه وعَذابُه دلً على اشْتِطاطٍ، بل فعلٌ يتغيرُ عن ذات لا تتغيَّرُ ولا تنفعلُ، والله أعلم.

فتغييرُ الحالِ يليقُ بالمكلفين وبزمانِهم، ولا يليقُ بالله سبحانه، فعادَ النًسخُ إلى تَغَيرِ حالِ الشًخص وتغيُّرِ زمانِه ومصالحِه.

وإن أتُوا من قِبَلِ تَوَهُّمِهم: أنَ (١) الأمرَ يقتضي الِإرادةَ، والنَهْيَ يقتضي الكراهةَ، وإذا كرهَه بعد أن أرادَه، فقد بدا له. فليس ذلك أصلاً صحيحاً عندنا، بل لا يقتضي الأمرُ الِإرادةَ، ولا النهيُ الكراهةَ؛ لِمَا نُبيِّنُه في باب الأوامرِ ومسائلِ خلافِها (٢).

فصل

في بيان الفَرْقِ بين النسخِ والتًخصيصِ فيما يفترقان فيه، والجَمعِ بينهما فيما يستويان فيه

قد سَبَقَ في التحديداتِ ذِكْرُ العمومِ والخصوصِ، وذكرُ النَّسخِ


(١) في الأصل: "وأن"، والسياق يقتضي حذف الواو منها.
(٢) في الجزء الثاني من الكتاب، الصفحة ٤٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>