في معنى قولِ الفقهاءِ والأصوليِّينَ في الفعلِ: بأنه صحيح، وفاسد، ونَحْوُ ذلك.
فالذي يُريدُ به الأصولِيُّونَ من قولِهم: صحيحٌ. أنه فعل واقع على وجهٍ يوافقُ حكمَ الشرعِ، مِن أمرٍ به، أو إطلاقٍ فيه، ولا يَعنُون به: أنَ قضاءَه غيرُ واجبٍ، ولا أنَّ فِعْلَ مثلِه بعدَ فعلِه غيرُ لازمٍ.
وكذلك: إنما يُريدونَ بالفعلِ أنه فاسد وباطل: أنه قبيحٌ، وأنه مفعولٌ على مُخَالفَةِ الشرع، ولا يُريدونَ به ما كانَ قضاؤهُ واجباَ، وفعلُ مثلِه بعدَه لازم.
فصل
وأما معنى القولِ: بأن الفعل باطلٌ وفاسدٌ، مثلَ قولهم: صلاة باطلةٌ وفاسدة: أن فعلَ مثلِها واجبٌ بعدَ فعلِها، وقضاؤها لازمٌ، فبانَ أن الفسادَ والبُطْلانَ عندهم: ما لم يَقَعْ موقعَ الإِجزاءِ وإسقاطِ الواجب عن الذِّمَّةِ، فالعملُ في ذلك كلِّه على قولِه - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً ليسَ علَيْهِ امْرُنا فهو رَد"(١). وردُ العَقْدِ والعبادةِ والشَّهادةِ: أن لا يَعْمَلَ عَمَله.
فصل
ومعنى الصحيحِ عندَ الفقهاءِ-أعني من العباداتِ-: إبْراءُ الذِّمًةِ
(١) رواه البخاري ٥/ ٢٢١ في الصلح و ٤/ ٢٩٨ في البيوع تعليقاً، ومسلم (٧١٨)، وأبو داود ٢/ ٥٠٦، وابن ماجه (١٤) في المقدمة من حديث عائشة رضي الله عنها.