الصيغة، فلا وجهَ لإيجابِ الزيادةِ على الفعلةِ المسماةِ صلاةً وصوماً، إلا بزيادةِ قرينةٍ أو دلالةٍ تزيدُ على الصيغةِ، وإلا فليسَ في الصيغةِ أكثرُ من استدعاءِ صلاةٍ أو دع (١)، فإذا قال: صلِّ، كان استدعاء لذلك، وتكريرُ الفعلِ أمرٌ زائدٌ على، الفعلِ، وإعادة له، وليسَ في جوهرِ اللفظةِ اقتضاءان ولا مقتضيان، فمِن أين يجيءُ التكرارمن لفظٍ متحد؟
يوضَح: هذا أنَه لو نفى، صلاةً، انتفى الأمرُ رأساً، وصار نَسخاً، مثل أن يقولَ: صلِّ لا صلاةً واقتل لا نفساً، كانَ ذلكَ كقوله: صَلّ لا تُصلِّ، اقتُل لا تقتُل. ولو قال: صل ولا تُكرّر، لم يكنْ نسخاً ولا رفعاً، فبانَ أن الذى اقتضاه من اللفظةِ صلاة واحدة، إذ بنفيها انتفى أصلُ الاستدعاءِ من اللفظةِ، وبنفيِ التكرارِ لم ينتفِ، فدل على أنَّ التكرارَ زائدٌ، والفعلةُ الواحدةُ أصلُ الاقتضاءِ بها.
وقال بعض الفقهاءِ في هذه المسألةِ: لو أن رجلًا قال لوكيلٍ أو نائبِ: طلق زوجتي، لم يملك ان يطلَق إلا طلقةً واحدةً بإطلاقِ هذه الصيَغةِ، ولو كان مقتضى الصيغة التكرارَ لملكَ أن يُطلِّقَ الثلاثَ، كما يملكها إذا قال له: طلق ما شئت، وأوقع جميعَ ما أملكه عليها من الطلاقِ، وإذا بانَ هذا في الطلاقِ، ثبتَ مثلُه في الصلاة والصيام.
قالوا: ولو حلفَ لأدْخُلَن الدار، ولأصلين أو لأصُومن، برَّ في يمينهِ بدخلة وصلاةٍ وصوم يومٍ، وإلبر في اليمين كالامتثالِ في الأمرِ، فكما لا يقتضي البر التكرارَ، كذلك إمساكُ الإمر لا يقفُ على التكرار.