للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوجبَ أن يتخلف عن النفورِ إلى الجهادِ قومٌ، كما أوجبَ أنْ ينفرَ إلى الجهادِ قومٌ، وعلّل في ذلك: أن تكونَ الطائفةُ المتخلفةُ عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، تحفظُ ما يقولُ، وتعي ما يردُ به الوحيُ من الناسخِ، وما يشرعُ، وتُنذِرُ به من تخلفَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بشغله بالجهادِ، وغيبتِه عنه، ولو لم يجب على الغائبِ التعويلُ على بلاغ الحاضرِ، لما كان للأمرِ بالإنذارِ معنى، فدلَّ على وجوبِ الأخذِ بقولهم، وإن كانوا طائفةً يسيرةً، لا يبلغونَ إلى حدِّ التواترِ.

فصلٌ

في الأسئلة على هذه الآية

قالوا: وجوب الإنذارِ لا يدلُّ على وجوبِ العملِ بقول المنذرِ، بدليل الشاهدِ الواحدِ، والشاهدين اللذين ظاهرُهما العدالةُ، لكن الحاكمُ لا يعلمُ عدالةَ باطنِهما، فإنَّ الله تعالى أَوْجبَ بلاغَها، ونهى عن كَتْمِها، فقال: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: ٢٨٣] ومع ذلك لا يلزمُ العملُ بقولِ الواحد، ولا يقولِ من ظاهرهُ العدالةُ فيما يعتبرُ فيه البحثُ.

فصلٌ

إذا كان غرضُ الإبلاع العملَ والإنذارَ، فلا يجوزُ أن يَعْرى إيجابُ السماع من النبي - صلى الله عليه وسلم - عن غرضه، ولهذا لو صرح، فقال: {ولِيُنْذِرُوا قومَهم} [التوبة: ١٢٢]، فلم (١) يَعملِ القومُ بإنذارِهم، لما حسنَ هذا، وكان كلاماً خارجاً عن الفائدةِ والإحكامِ.


(١) في الأصل: "فلا".

<<  <  ج: ص:  >  >>