للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصلٌ

فيما وجَّهوُه مِنَ الاعتراضِ عليهِ

فمنها: أَنَّهُم قالوا: نحنُ قائلونَ بِهِ، وإنَّ كتابَ اللهِ باقٍ معصومٌ من التبديلِ والتًغْييرِ، فعصمته (١) التي فارق بها سائرَ الكتبِ أَغْنَتْ عَنِ المجتهدينَ وإِجماعِهم، وقد أَشارَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلِكَ بقولِهِ: "إنِّي مُخلِّفٌ فيكمُ الثَّقلينِ: كتابَ اللهِ وسنَّتي" (٢).

ومنها: أَنْ قالوا: قدْ أَجْمَعْنَا على أَنَّ طلبَ العصمةِ في الحوادثِ بعدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ونصبَ جهةٍ معصومةٍ، يُزيلُ رخصةً عظيمةً، وفسحةً نافعةً، وهيَ ما أَشارَ النبيُّ- صلى الله عليه وسلم -[إليه] بقولِهِ: "أصحابي كالنّجومِ، بأيِّهِمُ اقتديْتُمُ اهتديْتُم" (٣)، وقولِهِ: "إذا اجتهدَ الحاكمُ فأصابَ فلَهُ أجرانِ، وإذا اجتهدَ فأخطأَ فلَهُ أجرٌ" (٤)، وهذا توسعةٌ ورخصةٌ لَهُمْ لم تكنْ في زمنِهِ - صلى الله عليه وسلم - ولا كانتْ لَهُ، فلا يجوزُ أَنْ نحرصَ على أَنْ نزيلَها بأنْ نجعلَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خلفًا يمنعُها، كما يمنَعُها كونُه - صلى الله عليه وسلم -.


(١) في الأصل: "فصمته".
(٢) أخرجه الحاكم ١/ ٩٣ من حديث أبي هريرة ومن حديث ابن عباس.
(٣) تقدم تخريجه ١/ ٢٨٠.
(٤) تقدم تخريجه ١/ ٢٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>