للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في تحقيقِ تحديدِ العللِ، وبيانِ الغَلَطِ فيه، والخروجِ عنه إلى التَّغييرِ لها

ذكرته ليُجتنبَ، كما ذكرتُ التحديدَ الصحيحَ ليُتَّبَع.

فنبدأَ بالصحيحِ: فمن ذلك: أن نقولَ: الِإنسانُ حَيٌّ لأجلِ الحياةِ الموجودةِ له. فهذا تحديدٌ صحيحٌ؛ لأن كلَّ حياةٍ موجودةٍ لشيءٍ فهو حيٌّ بها، وهي سليمةٌ من التَّغييرِ لها والتَغييرِ عنها.

فأمَّا المنكسرةُ (١) من العللِ: فهو أن نقولَ: الإِنسانُ حيٌّ لأجلِ الحياةِ الموجودةِ، فليس هذه محدِّدةٌ، بل منكسرةٌ، لأنه يلزمُ من هذا: كلُّ حياةٍ موجودةٍ فهو حي بها. وليس هذا صحيحاً؛ إذ حياةُ الحمارِ والفرسِ موجودةٌ، وليس الإِنسانُ حياً بها.

ومن العللِ غيرِ المحدِّدةِ أن نقول: هذا الإِنسانُ حَيٌّ لقيام الدَّلالةِ أن فيه حياةً. فهذا أيضاً غيرُ محددٍ؛ لأجل أنه لو لم تَقُم الدَّلالةُ، لم يُخرِجْه ذلك من أن يكون حياً.

فإن قال: إنه حيٌّ لأجل أنه علِمَ أن له حياةً موجودةً. كانت غيرَ محدِّدةٍ؛ لأنه لو لم يُعلَمْ ذلك، لم يُخرِجْه عما هو به من كونِه حياً، فذِكرُ العلمِ زيادةٌ لو أُسقِطَت لصحَّت.

فإن قال: هو حيٌّ لوجودِ عَرَضٍ يُضادُّ الموتَ. لم تكن محدِّدةً،


(١) الكسر: نقض على المعنى دون اللفظ، ويرجع إمَّا إلى منع صحة العلة، أو إلى معارضتها بما يفسدها. "علم الجذل في علم الجدل" ص ٦٦ - ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>