للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في الدلائل على نفي القولِ بالإباحةِ والحظرِ

فمنها: أنَّ الإباحةَ إطلاق، والحظرَ منعٌ، وهو من بابِ الأفعالِ التي لاتقع إلاَّ من فاعلٍ، فلابدَّ للمنع من مانعٍ، ولابدَّ للإطلاقِ من مطلِقٍ، وذلكَ الحاظرُ والمبيحُ، [و] المانع [و] المطلق، ليسَ يعدو أحدَ سببين:

جمعٌ من قِبَل الله تعالى، أو عقل، فإذا كانت العقولُ عاطلةً عن قضيتي الحظرِ والإباحةِ، وكان السَّمعُ لايَرِدُ، فلا وجهَ للقولِ بواحدٍ من الحكمينِ مع عدمِ الدلالتينِ والطريقين، إذ لا مذهبَ بغير طريقٍ، فلا جوابَ لهذه المسألةِ على التحقيقِ إلا قول المسؤول (١): لا أعلم ما كان الحكمُ قبل الشرع، إذ لاطريقَ لي إلى العلمِ بالحكمِ.

ومنها: أنَّ هذه الأعيانَ قد بانَ بدلائلِ العقول أيها ملك للصَّانع القديمِ الذي ثبتَ وجودُه سبحانه وإيجاده للأعيان، وليس للعقل تحكم ولا حكم على ملكه سبحانه، والسَّمعُ بإذنِه في تناولِها والانتفاع بها لم يرد، فلا وجهَ لإباحتِها، فبطلَ بهذه الدلالةِ مذهبُ الإباحةِ.

ومنها: أنَّ المنعَ والحظرَ بطريقِ العقلِ لو كان ثابتاً، لما جازَ أن يَرِدَ السَّمعُ بإباحتِها؛ لاتفاقِ العلماءِ على أنه لايجوزُ أن يردَ السَّمع إلا بمجوَّزاتِ العقولِ، فأمَّا ورودُه. بما يخالفُها فلا، وفي هذِه الدلالةِ ما يبطلُ به


(١) في الأصل: "الأقوال للسؤال".

<<  <  ج: ص:  >  >>