للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القولُ بإباحتِها، لأنها لوكانت الإباحة بالعقل (١ ......... ١) على القول بالحظرِ أو الإباحةِ، التناولُ لها والانتفاعُ بها متقابلين تقابلاً لايظهرُ فيه ترجيح لبعضِ الأقوال على بعض، ولا يبقى سوى الاحجامِ عنها والكف والإمساك عن الفتيا فيها، وهو (٢) الوقفُ حينِ الكشفِ بطريقِ السَّمع.

والدلالةُ على تقابلِ الأدلةِ: أنَّ القائلَ بالحظرِ إنْ تعلقَ بأنَّ هذه الأعيانَ ملك لله سبحانه، وما أذنَ في تناولها والانتفاع بها، فهي كأملاك الآدميين، قابَلَه أنها وإن كانت ملكَه، فنحنُ مماليكُه وعبيده، [و] في تركِ الانتفاع إتلاف لنا، ونَزيدُ عليها بالحرمةِ، وإذا تقابلَ الأمرُ بين إتلافِها وتلفِنا بتركِ تناولِها، كان تلفُها مع حفظِ نفوسِنا أَوْلَى.

وقابلَ ذلك أيضاً أنَّ أملاكَ الآدميين وَرَدَ السَّمعُ بحظرِها، وها هنا لم يَرِدْ بحظرها، فالتعويلُ في تحريمِ أموالِ الآدميينِ على الحظرِ السَّمعي، دون كونِها ملكاً لهم.

يبيِّن صحَّةَ هذا، وأنَّ المنعَ ليسَ لأجلِهم ولا لعدمِ إذنِهم بل للسَّمع: أنَّ الشَّرع لما أذنَ في أكلِ طعامِ الغيرِ عند الضَّرورةِ، واتقاء البرد ببنيانه، وإشعال حطبه، خوفاً على نفسِ غيرِ المالِك؛ أبيحَ مع ملكَه وعدم إذنِه، لإذنِ الشَّرع، وكذلك أبيحَ الاستظلالُ بظلِّ جداره، والاستضاءةُ بضوءِ نارِه بغيرِ رضاه، لما أذنَ فيه الشَّرع وإِنْ سَخِطَ.


(١ - ١) طمس في الأصل بمقدار ثلاثة أسطر.
(٢) في الأصل: "سوى".

<<  <  ج: ص:  >  >>