للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقابلُه أيضاً أنَّ الآدميَّ يستضرُّ بالانتفاع بأملاكِه لحاجته إليها، ومشاركته لغير المالك في الحاجة، وانفراده بالتخصيص بالملك، فالله سبحانَه لاضررَ عليه في تناوُلِها، ولأنه لا حاجةَ به إليها، ولانفعَ يلحقه بها، لاستحالةِ إلحاق الضَّرر والنفع به (١ ........... ١) لاضرر بتناولها، ولا نفعَ ببقائِها وإحجامنا عن الانتفاع بها، لامتناع ذاتِه سبحانه بغنائها واستحالة الحاجة عليها، وإنما خلقها لنا بحسبِ دواعينا إليها وحاجاتِنا، فصارت في القياسِ إلينا كظلِّ الجدارِ وضوءِ النَّارِ.

ولأنَّ الحكيم لايفعلُ شيئاً إلاَّ لغرضٍ ووجهٍ من الحكمةِ يقتضي فعلَه وخلقَه، والتقسيمُ يوجبُ أن يكونَ خَلَقها لنا ولانتفاعِنا بها، لأنه لا يخلو أن يكونَ خلقَها ليَنتَفعَ بها، وذلكَ محال، أو ليضرَّ بها غيرَه، وذلك لا يليقُ بالحكيم، فلم يبقَ إلا أنّه خلقَها لنفعِنا، وهذا يكفي في الحكمِ بإباحتِها.

فتقابل من ذلك أشياءُ نُبطِلُها، منها: أنَّهم قد أخلّوا ولم يستوفوا؛ فإنَّ من الأقسامِ ماهو مذهبُ أهلِ السُّنَّةِ: وهو أنَّ أفعالَ البارئ لا تُعللُ ولايضافُ إليه غَرَضٌ، وهذا يرد أصلَ تعليلِهم.

وأخلّوا في التقسيم مع ثبوتِ غرضٍ أو تعليلٍ قِسماً لم يذكروه: وهو أن يكونَ خلقَها ابتلاءً لنا.

والذي يوضِّحُ هذا وبطلانَ قولِهم: أنه لو كان ما ذكروه مانعاً من


(١ - ١) طمس في الأصل بمقدار ثلاثة أسطر

<<  <  ج: ص:  >  >>