للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنصار: لا غسلَ على مَنْ لم يُنزِلْ، بل الماءُ من الماءِ، وقالَ غيرهم: إذا التقى الخِتانانِ، وجبَ الغسل، فأرسلَ الجماعة إلى عائشة رضي الله عنها، فسألوها، فقالت: إذا التقى الخِتانان، وجب الغسلُ، أنزلَ أو لم يُنزِلْ، فعلتهُ أنا ورسول الله، فاغتسلنا (١)، فصاروا إلى قولها وخبرها، وتَوَعَّدَ عمر زيد بن ثابت على الفتوى بغير ذلك، وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوفرون، فلا أحدَ أسقطَ العملَ بخبرها.

ولما جاءت الجدة إلى أبي بكر، فقال لها: لا أجدُ في كتاب الله لك شيئاً، فقال المغيرة: إن النبي أطعمها السدسَ، وتابعه محمد ابن مَسْلمةَ، فعملَ به أبو بكر، وصار إجماعاً (٢).

ومنها من طريقِ النظر: أنَّا رأينا أنَّ العملَ بالقياس في الأحكامِ التي تعمُّ بها البلوى جائزٌ، والقياسُ فرع لخبر الوَاحد، والخبرُ أصلٌ، فإذا جازَ إثباتُ هذه الأحكامِ بما تَفرَّعَ عن خبرِ الواحد، فأولى أن يثبتَ به، وهو الأصلُ.

ومنها: أنَّ خبرَ الواحدِ ثَبَتَ وجوبُ العملِ به بدليلٍ مقطوع عليه، فهو كآي القرآن، فإذا ثبت ما تعمُّ به البلوى بالآي، كذلكَ أخبارُ الآحاد، إذ كانَ طريقهُما جميعاً قطعياً.

فصلٌ

في شبههم

قالوا: ما تَعُمُّ بلوى الأُمَّةِ به يَكثُرُ سؤالُهم عنه، وأذا كثرَ السؤالُ


(١) تقدم تخريجه ص (١٣١).
(٢) تقدم تخريجه ٢/ ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>