للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القتيبي (١) في "جوابات المسائل"، وفي كتابِ " الجامع " في النحو يجوزُ أن يقولَ: صمتُ الشهرَ كله إلا يوماً، ولا يجوز أن يقولَ: صمتُ الشهرَ كله إلا تسعةً وعشرين يوماً، ويقول: لقيتُ القومَ كلهم إلا واحداً. ولا يجوزُ أن يقول: رأيت القومَ كلَّم إلا أكثرَهم. وأنشدوا في ذلك:

عَداني أنْ أزوركَ أنَّ بَهْمي ... عجافٌ كلُها إلاقَليلا (٢)

ومنها: أنه لو جاز استثناء الأكثز لجاز استثناء الكل، ألا ترى أنه لما جازَ التخصيصُ في الأكثر جازَ رفعُ ذلك بالنسخِ رأساً.

والأصول أكثرُها على إقامةِ الأكثرِ مقامَ الكل.

ومنها: أنَّ عادةَ العرب إذا ضَموا مجهولاً إلى معلومٍ أن يبنوا الأمرَ فيه على التقريب، فإذا كان المجهولُ قريباً من العَقد (٣)؛ ذكروا العقدَ واستثنوا المجهول، وإذا كان بعيداً من العَقد؛ قذَموه إلى ما قبلَه من العدد (٤)، ولم يستثنوه، يقولون فيما قرُبَ من العقدِ: كُرَّينِ (٥) إلا شَيئاً. وفيما بَعُدَ: كُرُّ حنطةٍ وشيءٌ. ولهذا حَمل الشافعيُ رحمه الله


(١) هو أبومحمد عبد الله بن مسلم بن قُتيبة الدّيْنَوَري، كان إماماً في علم اللسان العربي، والأخبار وأيام الناسِ، له تصانيف في علوم القراَن والحديث واللغة والأخبار منها: "غريب القرآن"، و"مشكل القرآن"، و"غريب الحديث" توفي سنة (٢٧٦ هـ)."تاريخ بغداد" ١٠/ ١٧٠ - ١٧١، و"إنباه الرواة" ٢/ ١٤٣ و"سير أعلام النبلاء" ١٣/ ٢٩٦.
(٢) البيت دون نسبة في "معجم مقايس اللغة" ٤/ ٢٤٣، و"اللسان": (عجا)، ولفظ الشطر الثاني فيهما: "عجايا كلها إلا قليلا". والعجايا: صغار الحيوان، تموت أمها فيرضعها صاحبها بلبن غيرها.
(٣) ألفاظ العقود هي: عشر عشرون، ثلاثون ... إلى التسعين.
(٤) هكذا وردت في الأصل، والذي يقتضيه السياق أن تكون: العقد.
(٥) الكرُّ: سِتون قفيزاً، ويقدر كُرُّ القمح بالكيلوغرام بنحو (٢٩٢٥) كيلوغرام، أي ما يعادل (٩ ر٢) طن تقريباً. انظر "المكاييل والأوزان الإسلامية وما يعادلها في النظام المتري"، فالتر هنتس ٦٩ - ٧٠، و"المعجم الاقتصادي" للشرباصي: ٣٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>