فقال أصحابُ أبي حنيفة: المعنى في البالغِ أنه مُتهم بالقَتْلِ؛ لأن المتهم في استعجال الميراثِ بالتسَبب إلى القَتْلِ ولم يَحْصُل منه، مِثْلَ إن عدا على موروثه بحديدةٍ أو أطَعمه سُماً قاتلًا، فتدواى فَسلِمَ منه، هذا مُتهَم في تَعْجيلِ الإرْثِ ولا يُحْرَمُ الإرْثَ. وكذلك لو جَرَحَهُ جراحةً يموت بمِثْلِها، فلا زال يُداويها حتى بَرأ، ثم مات من غَير سرايتِها، فإنَّه مُتَّهَم، ولا يُحْرَمُ الإِرْثَ، فإِذا كانت التهمةُ بالقَتْلِ، فهي داخلة في علةِ مَنْ عللَ بالقَتْلِ خاصةً.
فأَما إن لم تكن معلولاتُها داخلة في معلولاتِ علَتِهِ، مثل أَن يُعَلِّلَ البُر بأنه جِنْسُ مطعومٍ ونَقيسُ عليه الفواكه.
فيقول الحنفي: المعنى في البُر أنه مَكيلُ جِنْسٍ. فيحتاج المستدل أن يتكلم على علَّةُ المُعارِضِ بما يتوجه عليها من إفسادٍ، أو ترجيحِ علته على ما علل به من الكَيْلِ. ويوضِّح أنَّ الطعْمَ وَصْف ذاتيٌّ، والكيل مِقْدار وعَلَم على التساوي، فَيَبْعُدُ أنَّ يكونَ علةً. ومتى عجز عن واحدٍ منها، كان مُنْقَطِعاً بمساواتهِ المُعْترِضَ، وليس يخرجُ من الانقطاعِ إِلا بترجيحٍ لِعلتِهِ.
قال بعضُ الشافعيةِ: ولا يُمكنُ أنَّ نقولَ بالعلتَيْن؛ لأَن الإجماعَ انعقد على أنَّ العلَّةَ في البُر واحدة، وليس كما وقع له، بل قد ذهب