للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان على المُسْتدِلِّ أن يتكلم على العلَّةِ التي عارضَه بها بما يتوجه عليها من أَنواعِ الإفْسادِ أَو يُرجحَ عليه، كما لو كان السائلُ هو المستدِل ابتداءً.

فصل

وأما إنْ عارَضَهُ بعِلةٍ من أصلهِ، نُظرَتْ، فإن كانت العلةُ التي عارضه بها واقعةً مِثْلَ أن يُعَللَ أصحابُنا وأصحابُ الشافعيُّ في ظِهارِ الذميِّ بأنه يصح طلاقُه، فصح ظِهارُهُ، كالمُسْلمِ.

فيقول الحنفي: المعنى في المسلمِ أنه يصحُّ منه الكفارةُ.

فيقول المستدل: هذه علةٌ واقفةٌ (١)، والواقفةُ عندك ليست صحيحةً، وعلى أني أقولُ بالعلتَيْنِ، لأن حُكْمَ هذه العلَّةِ التي ذكرتها لا يُنافي حُكْمي.

ومن الناسِ مَنْ قال: لا حاجةَ به إلى تسْليم العلَّةِ له، بل يقولُ: هذه العلةُ التي ذكرْتها لا تُنافي علتى ولا تَمْنَع تَعلقَ الحُكْم بها، لأَنَها تُوجبُ حُكماً مِثْلَ حكمِ علتي.

فإنْ قال: إذا ثبتَ تَعلقُ الحُكْمِ بهذه العلَّةِ، ثبتَ أنَّ حُكْمَ الفَرْع بخلافِ ذلك، لأنه لا يُوجَدُ فيه.

قال له المُسْتَدِلُّ: ليس يَلْزَمُ في العِلةِ أنَّ تنعكسَ، ويجوزُ أنَّ يثبت الحكمُ في عَكْسِها لعلةٍ أخرى، فيكون الحكمُ في الأصلِ ثابتاً


(١) العلَّة الواقفة: هي العلةُ القاصرة. وانظر تمام الكلام عليها في "شرح الكوكب المنير" ٤/ ٥١، و"التبصرة": ٤٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>