للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ} [الشعراء: ١٩٥]، وقولُه: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [فصلت: ٤٤]، وهذه صفة لجميعِ الكتاب العزيزِ، ونفي للقول بأن فيه أعجمياً وعربياً (١)، وهذا القولُ يتطرقُ عليه إذا كان بعضُه غيرَ عربي.

ولأنَّه تحداهم به سبحانه، والقومُ لا تقدِرونَ على الأعجمي، فلا يتحداهم بما لا قدرةَ لهم عليه، ولا هوَ من صناعتِهم، وإنَّما يتحداهم باللسانِ الذي يقدرون عليه، ثم يعجزونَ عن نظمِه وأسلوبه، ألا ترى أنَّه سِبحانه لمِ يَتَحدَّهُم (٢) بالطِّب، كما تحدى قوم عيسى، ولا بما يتوهمونه سحراً، كما تحدَّى قومَ موسى، فكلّ قوم تحداهم بما كان من صناعاتِهم، وأبان عن عَجزِهم عنه، استدلالاً على تأييد نبيِّهم بما يخرقُ عاداتِهم، ولهذا لم تُتَحَدَّ (٣) العبرانيةُ والسريانيةُ بالكلامِ العربيِّ (٤).


(١) في الأصل: "لله أعجمي وعربي".
(٢) في الأصل: "يتحداهم".
(٣) في الأصل: "تتحدا".
(٤) وفَّق أبو عبيد القاسم بن سلَّام بين ما ذهب إليه جمهور الأصوليين: من أنه ليس في القرآن لفظ غير عربي، وما رويَ عن ابن عباس، وعكرمة: من أن فيه من غير لسان العرب، بأن قال: كلاهما مصيبٌ إن شاء الله تعالى، وذلك: أن هذه الحروف بغير لسان العرب في الأصل، فقال أولئك على الأصل، ثم لفظت به العرب بألسنتها، فعرَّبته، فصار عربيّاً بتعريبها إياه، فهي عربية في هذه الحال، أعجمية الأصل. انظر "المعرَّب" (٥)، و"البحر المحيط" للزركشي ٢/ ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>