لقيام دليلٍ، بأن يقول: دلالةُ الطعْم ليس بعلةٍ لزالَ الخلافُ عن الرمانَ والبقولِ، وكذلكَ لو دلتْ دلالة على أنَّ الكيلَ ليس بعلةٍ لزال الخِلاف عن الجصِّ والنورة، بحيثُ لا يكونُ فيه الربا إجماعاً، هذا هو القياسُ الصحيحُ.
وفي مسألةِ التركيب: لو دل الدليلُ على فسادِ أحدِ القولين لم يزل الخلافُ؛ ألا ترى أنَ الخلافَ في ابنةِ عشرينَ سنة، هل يجوزُ أن تزوِّج نفسَها أم لا؟ والأصلُ ابنةُ خمسةَ عشرَ سنةً. فيقولُ الخصمُ: لو دل الدليلُ على أنَ ابنةَ خمسةَ عشرَ سنةً بالغ، لجوزتُ لها أن تُزوِّجَ نفسها، وإذا تركتُ قولي في بلوغِها، لم يزل الخلافُ في ابنةِ عشرينَ سنة، وكذلكَ لو قامَ الدليلُ على أنَ خمسةَ عشرَ ليس ببلوغ لم يزل الخلافُ.
ومن قالَ بصحتها استدلَّ بأنَّ الحكمَ في الأصل المركبِ متفقٌ عليه، وإنَما اختلفوا في علتِه، ألا ترى أنهم اتفقوا على أن ابنةَ خمسةَ عشرَ سنة لا يصح منها النكاحُ، وإنما قالَ الشافعي: لكونها أنثى. وقال أبو حنيفة: لكونها غيرَ بالغٍ. وذلكَ لا يمنعُ صحةَ القياسِ عليه، كاختلافِهم في علَّةُ الأصل في غير المركب.
قلنا: غير المركب اتفقوا على أن طريقَ العلمِ بحكمهِ واحدة، وعلى تعليله، فإن علته واحدة، ثم اختلفوا في عينِها، على حسبِ الدلالةِ عند كلِ واحدٍ، ولو دلتْ عنده دلالة على أن التي ادَّعاها فاسدة لرجعَ إلى قولِ صاحبه، وهذا لا نجدُه في المركب؛ لأنه لم تُستنبطْ منه علتهُ، ولو دل على فساد أحدِهما لخرج أن يكونَ أصلًا بحال. وغير المركب لو اتفقوا على فساد أحدهما كان أصلًا على حاله، ويقوى