للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك ما رويَ مِن خلافِ الصّحابةِ في زوج وأبوينِ وزوجةٍ وأبوينِ، فقالَ ابنُ عباسٍ وحدَه: للأمِّ ثلث الأصلِ بعدَ نصفِ الزّوج وربع الزّوجةِ، وقال الباقونَ مِن الصّحابةِ: للأمِّ ثلث الباقي بعدَ نصفِ الزّوج وربع الزوجة (١)، ثمّ جاء التّابعونَ فأحدثُوا قولاً ثالثاً، فقالَ بقولِ ابنِ عباس في زوجةٍ وأبوينِ بعض التّابعينَ وهو ابنُ سِيرِينَ، وبقولِ الباقينَ في زوجِ وأبوينِ بعض التّابعينَ، فلمْ يُنكِرْ عليهم مُنكِرٌ.

وكذلك اختلفتِ الصّحابة في لفظةِ الحرامِ (٢) على ستةِ مذاهبَ، فأحدثَ مسروق قولاً سابعاً فقالَ: لا يتعلَّقُ بها حكم. وقال (٣): ما أُبالي حَرَّمتُها أو قَصْعةً منْ ثريدٍ (٤). فأقرُّوهُ على هذا ولم يُنكِروا عليه.

ومنها: أنَّ اختلافَهما على قولينِ جوّزَ تسويغَ الاجتهادِ، وإحداث ثالثٍ قولٌ صدرَ عن الاجتهادِ، فصارَ. بمثابةِ ما قبلَ استقرارِ الخلافِ.

ومنها: أنْ قالوا: أَجمَعْنا على أنّ الصّحابةَ لو انقرضَ عصرُهم، وماتوا عَن دليلينِ في مسألةٍ لا ثالثَ لهما، جازَ للتّابعينَ أنْ يُحدِثوا دليلاً ثالثاً، كذلكَ إحداثُ قولٍ ثالثٍ ولا فَرْقَ، وهذا صحيح، لأنّه إذا جازَ أنْ يُبيَّنَ بإحداثِ دليلٍ ثالثٍ خفاء الدَّليلِ الثّالثِ عنهم وعثور التابعينَ به، كذلك


(١) أخرجه البيهقي ٦/ ٢٢٧ - ٢٢٨.
(٢) أي: في قوله لامرأته: أنتِ عليَّ حرامٌ. وانظر "العدة" ٤/ ١١١٥.
(٣) في الأصل: "فقال".
(٤) أخرجه عبد الرزاق (١١٣٧٥)، والبيهقي ٧/ ٣٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>