للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالوا: حلاوةُ العسلِ، وحلاوةُ الرطبِ، وريحُ الكافورِ، وريحُ المسكِ. فما أغفلوا ولا أهملوا.

وعندكم أنَّهم لم يضعوا صيغةً للعمومِ، بل صارَ للعموم ما قرنوا به قرينةً، أو دلَّت عليه دلالةُ حالٍ، والعمومُ أصلٌ من الأصولِ، والأسماءُ المفردةُ دونَه، فلا يُظَن بهم أنهم وضعوا للجزئيِّ وأغفلوا الكُلي، وفي اسمِ الجنسِ من المطعومِ ما أغفلوه، بل وضعوا له اسم إضافةٍ إلى محله، وهو أحدُ أقسام الأوضاعِ والأسماءِ الدالة على المسمّياتِ، ولأنَ الأرايحَ كثُرت واختلفت، فجازَ أن يعتمدوا فيها على الإضافةِ إلى محلها، والعموم أصل، فلا حاجة بهم إلى إغفالِه، ثم إنَّ ها هنا صيغٌ تشهدُ بأنها موضوعةٌ للعمومِ، فلا نعطلُها ونحوجُها إلى قرائنَ ودلائلِ أحوال.

فصل

ومن الدلائل المشاهَدة لمذهبِنا: أنّا وجدنا أهل اللغة قد وضعوا للواحدِ لفظاً يخصُّه، وللاثنينِ لفظاً يخصُّهما؛ وهي التثنيةُ، وللجمع لفظاً يخصُّه، فقالوا: رجلٌ، ورجلانِ، ورجالٌ. كما وضعوا للأعيان المختلفةِ في الصّورِ ألفاظاً تخصّها، فقالوا: أتانٌ، وفرسٌ، وحمارٌ، وما وضعوا هذه الأسماءَ الخاصةَ إلا للفرقِ والتمييز بين المسمَّيات، فلو كانَ لفظُ الجْمعِ محتملاً للاثنين، لما كان للوضع معنىً.

ومن وجهٍ آخر وهو أنَّهم لما لم يُغفلوا اسمَ التوحيدِ والتثنية والجمعِ، فلا يجوزُ أن يُغفلوا اسماَ يضعونه للشمولِ والعمومِ الجامعِ للجنسِ الذي تحتَه العدد (١) المخصوص.

قالوا: ليسَ في لفظِ الواحدِ والاثنينِ، والفرس والحمارِ ما يخلطُ التأحيدَ بالتثنية، ولا النَّهاقَ بالصَهَّال، وفي الجمعِ نوعُ شركةٍ ظاهرةٍ، وهو (٢) أنه يقعُ على الأقل والأكثرِ


(١) فى الأصل: "للعدد".
(٢) مكررة في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>