للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخطئينَ أو عاصين، ونضمَّ إلى ذلك اعتقادَ الوجوبِ، فيكونَ ذلك أطمَّ وأدْهَى، فلا يُخَلِّصنَا من ذلك الخطرِ إلا الوقفُ إلى أنْ يأتيَ [في]، ذلك دلالة تكشفُ عن حقيقة الحال، ومثل ذلك: استغفاره لأمِّه وعمِّه مع الشرك (١)، فنستغفر نحن للمشركين.

فيقالُ: لا يمتنعُ مع هذه الحالِ أنْ يُكَلِّفَنا اتِّباعَه، وإن كانَ فيه سهوٌ أو خطأ، اسْتُدرِكَ بالرجوعِ عنه، ولسْنَا بأَوْفى منه، ولا يصونُنا البارىء عما لمِ يصنه عنه، فإذا جازَ أن يُؤَخِّرَ عنه البيانَ، ويُمكِّنَ من تلاوتهِ الشيطان، ثم يَنسَخَ ما (٢) يلقيه الشيطانُ، ويُبَيِّن (٣) له الخطأ، ليرجعَ عمَّا وقعَ منه بالخطأِ والنِّسْيَان، جاز أنْ يكلِّفَ اتِّباعَه على ما كان، ألا ترى أنَّ أقوالَه أيضاً لم تسلم من ذلك، ولا عُصِمَ فيها من زَلَّةٍ وخَطأ؟ فقد (٤) صلَّى، فقصر من الركعات، وعاد فأتمَّ، وسجَدَ للسهو (٥)، وندم على الفداءِ بعد أن وجب على أصحابه الاتباع في


(١) حديث استغفاره - صلى الله عليه وسلم - لأمه: أخرجه مسلم (٩٧٦) عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "استأذنت ربي أن أستغفر لأمي، فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها، فأذن لي".
أمَّا حديثُ استغفاره - صلى الله عليه وسلم - لعمه، وفيه: "لأستغفرنَّ لك ما لم أنَّهَ عنك" فأنرْل الله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: ١١٣]: فرواه أحمد ٥/ ٤٣٣، والبخاري (١٣٦٠) و (٣٨٨٤) و (٤٦٧٥) و (٤٧٧٢)، ومسلم (٢٤) (٤٠)، والنسائي ٤/ ٩٠.
(٢) في الأصل: "بما".
(٣) في الأصل: "وبين".
(٤) وفي الأصل: "وقد".
(٥) تقدم تخريجه في ٢/ ٥٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>