للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البعير مبيناً للطواف (١)، وتوضأ بمحضر من أصحابه (٢)، فلما بيَّنَ له الملكُ قولاً تارةً، وفعلاً أخرى، بيَّنَ هو لأُمَّتهِ بالطريقين، تارة قولاً، وتارة فعلاً، وصارَ للأُمَّةِ في سائرِ الأفعال والأقوال، كالإمامِ في الصّلاةِ للمأمومين، إنْ ركعَ ركعوا، وإنْ سجدَ سجدوا، وإن صلَّى قائماً أو قاعداً، صلَّوا خلفَه قياماً وقعوداً، وإن سجَدَ للسهو سجدوا، وإن كانَ سببُ السهو لم يعلموا به، كل ذلكَ لكونِه قدوة، وهم أتباعُه.

ومما تعلَّقَ به بعضُ أهلِ الوقف (٣): أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يجوزُ عليه الصغائرُ والخطأ، ودلائلُ ذلك معلومة، والعُتْبَى عليه من القرآن مسموعةٌ، فلا نأمنُ أن نَتَبِعَه في شيءٍ من هذه الأفعالِ، فنكون


= حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(١) أخرجه مسلم (١٢٧٣) عن جابر رضي الله عنه، قال: طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبيت، في حجة الوداع على راحلته، يستلم الحجر بمحجنه، لأن يراه الناس، وليشرف، وليسألوه، فإنَّ الناس غشوه.
وأخرجه البخاري (١٦٠٧)، والترمذي (٨٦٥)، والنسائي ٥/ ٢٣٣ من حديث ابن عباس.
وفي الباب: عن أبي الطفيل، وأم سلمة رضي الله عن الجميع.
(٢) الأحاديث في وضوئه - صلى الله عليه وسلم - بمحضر من أصحابه كثيرة رواها جمع من الصحابة، كعثمان، وعلي، وعبد الله بن زيد، وغيرهم رضي الله عنهم.
ومن ذلك: ما أخرجه مسلم (٢٢٦) عن حمران مولى عثمان، أن عثمان دعا بماء، الحديث ... ثم قال آخره: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ نحو وضوئي هذا.
(٣) القائلون بالوقف، هم: الصيرفي، وأكثر المعتزلة، واختاره الرازي.
راجع "المحصول" ٣/ ٣٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>