استعماله في مخالفة أوامر الله سبحانه، التي قامت الدلالةُ على تأثيم المخالِفِ لها والمُتَقَاعِدِ عنها، فقيل: عاصٍ لله، ومخَالف لأمرِ الله، والأ فأصلُها في اللغة المخالفةُ، قد يُوجِبُ الذم وقد لا يوجِب.
ومن هناك قالوا: أشار عَلَى الأميرِ فَعَصَاهُ، وشاوَرَ فلاناً وخالَفَهُ، ولا يكون بخلاف المشورة مذموماً، ولا بخلافِ الرأي يكون ذَماً، إذْ ليس كلُّ رأي ومشورةٍ تقتضي الِإيجابَ، ولا المشيرُ بمشورتِهِ مُوْجبَاً، والعصيانُ فيً الأصلِ هو الامتناعُ، وبالإضافةِ يُتَبَيينُ حكمُهُ، فإن كَان لما يثبت بالدلالة أن مخالفَتَهُ قبيحة، كان موجِباً للذمَ، وما لم يَثْبُتْ ذلك فيه، وقع عليه الاسم من غير ذم.
قالوا: وأمَّا تعلُّقكُمْ بتركِ إجابةِ السيدِ إذا نادى عبدَهُ، أو مُخَالفته، فتلكَ أوامرُ واستدعاءات اقترنَتْ بها قرائنُ من دلائل أحوال، فلا تعَلقَ بها فيما نحن فيه من الأمرِ المطلقِ، ومقتضاه فيَ أصلِ الوَضْعِ.
قالوا: والخبرُ يخالِفُ الأمْرَ، لأن الخبرَ إسنادٌ إلى مَا كانَ لا محالةَ، هذا موضوعُه، ولأنه الحُجةُ عليكم، لأنه يحتمِلُ الصدقَ والكَذِبَ، ولا يُغَلبُ فيه الصِدقُ إلا بدلالةٍ تقترنُ بالمُخبرٍ، وهو كونه بالِغاً، عاقلًا، عَدْلاً، لتجتمع فيه شروطُ الصدقِ، فَوِزَانُهُ أن تُقْرَنَ قرائنُ، تقتضِى انحتامَ الاستدعاءِ.
قالوا: وأما النهيُ وهو استدعاءُ التركِ، فلم يقتضِ إيجابَ التركِ بصيغتهِ، لكنْ دل على الكراهةِ، فلا يَكْرهُ الحكيمُ إلا القبيحَ، فوجب التَركُ لكون المتروكِ قبيحاً، وكُل قبيح يجب تركه، وليس كذلك استدعاءُ الفعل، لأنه يدل على حُسْنِ المأمور به، وليس كلُّ حَسَنٍ