للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذكْر اسمَ اللهِ عليه" (١) و"لا صلاةَ لجارِ المسجدِ إلا في المسجدِ" (٢) وأمثالُ ذلك، فتضمن اللفظُ نفيَ عينهِ عما تضمن في المحرمات تحريمَ أعيانِها، وفي عفوِ الخطأ والنسيانِ عفو عن أعيانِها، ثم إنَ المرادَ به نفيُ أحكامِ أعيانِها، فمن هذا الوجهِ ألحقه أقوام بالفصلِ الأولَ.

وقال بعضُ الأصوليين: هذا موضوعٌ عند أهلِ الجاهليةِ (٣) ومفهوم لهم قبلَ الرسالةِ إليهم والشريعةِ، لِإزالةِ النفعِ بالعينِ، من ذلك قولهُم: لا كلامَ إلا ما أفادَ ونفعَ، ولا عملَ إلا ما أجدى، ولا عشيرةَ إلا ما عصمتْ ومنعتْ، فيكون المعقولُ من قولي: "لا صلاةَ" و"لا صيامَ" معتدٌ بهما منتفع بثوابِهما مجدٍ ومجزٍ، إلا ما كانَ بتلك الصفاتِ، فعُقلَ من ذلك أنه لا تقعُ تلكَ الأعمالُ شرعيةً إلا بالشروطِ والحدودِ المذكورة التي صيرها بنفيها منفيةً.

فهذا هو الأصلُ، وإنْ جازَ أنْ تصرفنا عنه دلالة، فيحملُ النفيُ


(١) ورد من حديث أبي هريرة: "لا صلاة لمن لا وضوءَ له، ولا وضؤَ لمن لم يذكر اسمَ الله عليه".
أخرجه: أحمد ٢/ ٤١٨، وأبو داود (١٠١)، وابن ماجه (٣٩٩) والبغوي (٢٠٩).
(٢) أخرجه الدارقطني (١/ ٤٢٠)، والحاكم (١/ ٢٤٦)، والبيهقي (٣/ ٥٧) من حديث أبي هريرة.
والحديث فيه سليمان بن داود اليمامي، قال ابن معين: ليسَ بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن حبان: متروك، ورواه ابن عدي من حديث أبي هريرة، وضعفه. انظر: "التعليق المغني " ١/ ٤٢٠.
(٣) ليست في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>