للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيْنَ أئِمةِ (١) أهلَ اللُّغة وغيرِهم، أنَّه لا يجوزُ أنَّ يقَع على الدَّاعي لله سبحانه بقوله: اغفرْ لي، وهَبْ لي، ولا تَخْذُلْنِي، أنَّه آمر الله، ولا ناهٍ له، وليس ذلك إلا لدُنُو رُتبةِ الدَّاعي، وعُلُوِّ رُتبةِ الله سبحانَه على جميع خلقِه، والنُّصرةُ لإسقاطِ الرُّتبةِ في الصيغة هدمٌ للحدِّ الذي أجمعوا عليه، أعني أهلَ الصنعةِ القائلينَ بأنَّ امرَ الأمرِ، صيغةٌ تتضمنُ استدعاءَ الفعل بالقول من الأعلى للأدنى، وكفى بذلك دَليلاً على مَن لم يَعتبر الرُّتبةَ، ولا أحدَ جَوَّزَ للابن والعبد أنْ يقولا: أمرْتُ أبي وسيّدي، بل سألناهُما ورَغِبْنا إليهما، ولا استحسنوا في اللغةِ قولَ السَّيد والأب: سألتُ عبدي وابني، بل أمرتُهما.

وأما قولُ فِرعونَ (٢): فإِنَهم بالحكمةِ والرَّأي والحاجةِ منه إليهم، جعلهم بهذه الخصيصة أَعلى، والعلو يختلفُ، وكذلك عمرو (٣) لَمَّا كان أَعلى بِبَيانِ (٤) الرَّأي، سُمِّيَ طلبُه فيه أمراً، فالعلو فنونٌ، وليس كله السلطنة.


(١) في الأصل: (الأُمة).
(٢) يقصدُ قول فرعون: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (١١٠)} [الأعراف: ١١٠].
(٣) يريدُ قول عمرو بن العاص المتقدم لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما:
أمرتك أمراً جازماً فعصيتني ... وكانَ من الوفيق قتل ابن هاشم
(٤) في الأصل: "بأن".

<<  <  ج: ص:  >  >>