للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُسْنَ المُستدعى المأمورِ به، وقُبْحَ المَنْهيِّ عنه كان كذلك لأجلِ الأمرِ والنَّهي، لكان القُبْحُ والحسنُ لأمرٍ يعودُ إلى الفعلِ والتَّركِ، وإِنْ صَدَرَ عن العقلاءِ، ولَمَّا كانَ القبحُ والحسنُ وراءَ الفعلِ، كذلك هما وراءَ الأمر والنَّهي، وتعلقُهم بالحكمةِ وبالِإضافةِ إلى الله تعلُقٌ بالقرينةِ الدَّالةِ على الحُسْنِ، وإلاَّ فمطلقُ الأَمرِ لا يقتضي إلاّ الاستدعاءَ مِن طريقٍ، وأدلةُ الشَرعِ دَلَّتْ على حُسنِ أمرِ الله سبحانه، وقُبْحِ بعضِ ما نَهى [عنه].

وأَمَّا قُبحُ المنهي عنه، فلا يجبُ، فإِنَّه قد نَهى الشَرعُ عن أشياءَ الأَولى تركُها، لا لقُبحِها، كالنهي عن القِران بَيْنَ التمرتين (١)، [وكَسَتْرِ البيت] (٢) بالخِرقة، والجلوس في طريق المارَّة (٣)، والشُّربِ من ثُلْمةِ الِإنَاءِ (٤)،


(١) يشيرُ بذلك إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي رواه عنه ابن عمر أنَّ النبى صلى
الله عليه وسلم قال: "من أكل مع قوم من تمر فلا يقرن".
أخرجه أحمد ٢/ ٤٤ و ٤٦، والبخاري (٢٤٨٩) و (٥٤٤٦) ومسلم (٢٠٤٥)، والترمذي (١٨١٤) وأبو داود (٣٨٣٤) وابن حبان (٥٢٣١) و (٥٢٣٢). مع اختلاف في اللفظ عند بعضهم.
(٢) في الأصل: "كتبين الثيب" ولعل المثبت هو الصواب، وانظر "الإنصاف مع الشرح الكبير" ٢١/ ٣٣٢.
(٣) في الأصل: "في المنارة"، ولعل المثبت هو الصواب.
(٤) وردَ ذلك من حديث أبي سعيد الخدري، قال: نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن اختناث الأسقية: أن يشرب من أفواهها.
أخر جه البخاري (٥٦٢٥) و (٥٦٢٦)، ومسلم (٢٠٢٣) وأبو داود (٣٧٢٠)، والترمذي (١٨٩٠).
وفي رواية: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب من ثُلْمَةِ القدح، وأن ينفخ في الشراب.
أخرجه أحمد ٣/ ٨٠، وأبو داود (٣٧٢٢)، وابن حبان (٥٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>