للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهبَ بعضُ أصحاب الشافعي المتأخّرين، إلى أنه أمر حقيقة (١)، وهو ليق بمذهبنا، حيث قَلنا: الكتابة كلام حقيقة، وما في النفس من المحفوظ كلام حقيقة.

قال أصحابنا في القرآن: متلوٌ بالألسن مكتوبٌ فى المصاحفِ، محفوظٌ في الصدورِ.

فالدلالةُ على أنه (٢) ليس بأمرٍ، ما تقدم من أنَ الأمرَ صيغةُ استدعاءٍ أو اقتضاءٍ، من الأعلى فعْلًا من الأدنى، وليس هذا منطبقاً على ذلك، وأين الفعلُ من الاستدعاءِ؟!

وكذلكَ جعلُ الأقوالِ مُستدعىً بها، وهذه مُستَدعى إلى متابعتِها بغيرِها، فقال صلى الله عليه وسلم: "صلّوا كما رأيتموني أصلّي" (٣)، وقال للذي سألَ عن الصلاةِ: "صَلِّ معنا" (٤)، وقال في الحج: "خذوا عنّي مناسككم" (٥).


(١) ممّن ذهب إلى ذلك الآمدي، حيث صرَّح بأنَّ لفظ الأمر من قبيل المتواطىء في القول المخصوص والفعل، وتسميته له متواطئاً، يقتضي أن يكون حقيقة في القول والفعل معاً.
غيرَ أن جمهورَ الشافعيةِ يرون أن اسمَ الأمرِ حقيقة في القول مجازٌ في الفعل.
انظر "المحصول" ٢/ ٩، و"الِإحكام" للآمدي ٢/ ١٨٩ و"البحر المحيط" للزركشي ٢/ ٣٤٣.
(٢) يقصد الدلالةَ على أنَّ الفعلَ ليس بامرٍ حقيقة، وأنه إنْ اطلقَ عليه فعلى سبيل المجاز.
(٣) تقدم تخريجه في الصفحة (٤٤٠).
(٤) لممبق تخرلجه في الصفحة (١٩٤) من الجزء الأول.
(٥) تقدم تخريجه ١/ ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>