والقصةُ واحدةٌ، فقال:{أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ}[ص: ٧٦]، وأَبانَ عن استكبارٍ.
ومَنْ قابَلَ أمرَ اللهِ سبحانَهُ بالاستكبارِ استحق الوعيدَ، وقد نطَقَ القرآن بذلك، فقال:{إلا إبليس استكبر وكان منِ الكافرين}[ص: ٧٤]، ولو لم ينطِقْ بذلكَ لكفى علمُ الله سبحانه بأنَهُ تركَ الائتمارَ لأمرِه على وجهِ الاستكبارِ، فعِلْمُهُ في حقَ اللهِ كنطقِ العبدِ بالاستكبارِ على سيدِهِ فيما أمَرَهُ بهِ، فيصيرُ الوعيدُ منصرفاً إلى استكبارِه عن الندب، ومَنْ تَرَكَ مندوبَ الشرع بعلةِ الاستكبارِ كَفرَ واستحق الوعيدَ، كمنْ قال: أنا أكبَرُ وأجلُّ مِنْ أن اقبلَ الحجَرَ، وأطوفَ بالكعبةِ، لأنني حيٌّ، ناطقٌ، عاقلٌ، وهي جمادٌ.
ولو لم يَكُ هذا، لاحتمَلَ أنْ يكون قرينةً اقْترنَتْ بالضَيغةِ فاقْتَضَتْ بالمخالفةِ التوبيخَ والوعيدَ.
قالوا: ولأن هذا يدل على وجوب أوامرِ اللهِ سبحانهُ وأوامرِ رسولِهِ، وكلامُنَا في مُقْتَضى الأمرِ في اللغةِ، ولأنه إنما دلَّ على الوجوب لِمَا اقترنَ بهِ مِنَ الوعيدِ على مخالفتِه، ولا يُتَواعَدُ إلا على تركِ واجَبٍ، وكلامُنَاَ على أمرٍ مطلقٍ.