للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نادى فأجيب، أو تخلف عنه، وأخْبَرَ فَصُدق أوْ كُذبَ، فمدَّعي أنَّ أسماءَ هذه الأجوبةِ وُضِعَتْ لقرائنَ اقْتَرنَتْ بالنداءِ، والخبرُ يحتاج إلى دلالةٍ، (فهو مَوقوفٌ على وَضْعِ اللغة) (١) على معانٍ ظاهرةٍ بدعوى معانٍ باطنةٍ لا دلالةَ عليها، وما هو إلا بمثابة من قال: إنَّ قولَ أهلِ اللسانِ: اسْتَطْعَمَهُ فأطْعَمه، واسْتَسْقَاهُ فسَقَاهُ، ليس براجع إلى مجردِ سؤالِ الطعام والشراب وإعطاءِ ذلك لِمنْ سَألَهُ، لكنه لقرائنَ اقْتَرنَت بذلك وقعتَ التسميةُ لأجْلِها.

وأّما دعواهُم: القرائن في الأوامِر، وأنها معانٍ تَقِفُ على المشاهدةِ، وبحسَب الأحوالِ، فإنهُ مِنْ جنسِ دَعْوَى مَنْ قال: إنما كان أمراً لشهوةِ الَآمرِ ومحبتهِ وشَغَفِهِ بما أمَرَ به، أو لعدم تهديده ووعيدهِ. وان صرَّحوا بالقرينة وقالوا: إنها حاجةُ الأحياءِ إلى ما يَسْتَدعونَهُ من عبيدِهم، فأوامُر الله سبحانه بَعْدَ القرائن، وصريحُ الإيجابِ يخلو من حاجةٍ، ويكونُ على الإيجاب.

على أنه إن لم يَدع لحاجته، فإنه يستدعي منا الطاعاتِ لحاجتِنا إلى الإثابةِ في الآخرةِ، ونفي المضرةِ في الدنيا بما يَحصُلُ من المفاسدِ، والانتفاعِ بعاجلِ المصالحِ.

وليس هذا مُعتبراً عندنا، لكن إنْ جعلتم ذاكَ قرينةً في أوامرٍ الخلقِ، لتحصيلِ الوجوبِ، فاجعلوا هذه المصالحَ ونفي المفاسدِ مُرَتِّبَة لإيجابِ أمرِ الشرع.

وأمَّا الخبرُ، فإنه مع رتبةِ المُخْبِرِ، وهي العدالةُ، يُحْملُ على


(١) في الأصل: "وإلا فهو موقف لوضع اللغة".

<<  <  ج: ص:  >  >>