للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالجموعِ والعموم يخرجُ منه جملةٌ بعد جملةٍ، والباقي عموم حقيقةً وجَمع حقيقةً، ولوَ بَقِيَ منه ثلاثةٌ من ألوفٍ من الأعداد.

كذلك إذا بَقِيَ هاهنا على استدعاءٍ غيرِ منحتمٍ، لكنه محثوثٌ عليه، فهو باقٍ على بعضِ الجملةِ.

وأما إلزامُهم حُسْنَ الاستفهام، فلا يُسلَّم على الِإطلاقِ، بل إِنْ حسُن فعلى وجهِ التأكيدِ، فكما أنَ القائلَ: دَخَلَ السلطانُ نفسُهُ. يؤكد بقوله: نَفسُهُ لا لحاجتهِ إلى ذلك، كذلك يقولُ المستفْهمُ: السلطانُ نفسُهُ أو عسكره؟ مبالغة في الاستثباتِ، وكذلك يقول هاهنا: أوجبْتَ على، استيضاحاً زائداً على الحاجةِ، كقولِ المخبرِ: رأيتُ زيداً نفسَهُ.

على أنَ الاستفهامَ لأجلِ التردّدِ بين استعمالِ هذه اللفظةِ في الندب وبين استعمالِها في الِإيجابِ، وهذا لا يمنعُ كونها مع الإِطلاقِ منصرفَة إلى الإِيجابِ، كلفظةِ الإِيجابِ يحسُنُ أن يقولَ فيها: هل أردْتَ به الندبَ لمجيئها في المندوب وهو غسل الجمعة، وكذلك لفظةُ الوعيدِ والتهديدِ لمجيئهما في تركِ المندوباتِ، كالماعونِ وما شاكلَ ذلك، كما رُوي: "مَن مَنَعَ فضلَ مائهِ، مَنَعَهُ اللهُ فضلَ رحمتِه يومَ القيامةِ" (١) و"من كانت له ما شية إبل أو بقر فمنع حقها بُطح بقاعٍ قَرْقَرٍ


(١) ورد قريباً من هذا في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "من منعَ فضلَ مائه، أو فضل كلئه، منعه الله فضله يوم القيامة".
أخرجه أحمد (٦٦٧٣)، وأورده الهيثمي في "المجمع" ٤/ ١٢٥، وقال: رجال أحمد ثقات، وفي بعضهم كلام لا يضر.
وأصلُ الحديث صحيح، فهو عند البخاري (٢٣٦٩) و (٧٤٤٦)، وفيه "ورجلٌ =

<<  <  ج: ص:  >  >>