للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حين يفرغُ من الأداءِ، وعندنا أبداً يجبُ أن يكون الفعلُ مكرَّراً، بل وجوبُ (١) الاعتقادِ والعزم لا يرادان (٢) لأنفسهما، بل يرادانِ لأجل الفعلِ، وإذا وَجَبَ تكرار غيرِ المقصودِ لنفسهِ، فلئن يجبَ تكرارُ المقصودِ لنفسهِ أولى.

ويَدُلُّ عليه: أن الأمرِ بالصلاةِ عامٌ في جميعَ الأزمانِ، والدليلُ عليه أنه يحسنُ أن يقولَ الأمرُ: صلِّ إلا في يوم كذا، أو وقتِ كذا، وصُمْ إلا يومَ العيدِ وأيامَ التشريقِ. ولو كان يقتضي فعلَ مرةٍ لا على الدوام، لما حسُنَ الاستثناءُ، فإن المرّةَ الواحدةَ لا يدخلُ في زمنها أيامٌ، فلمَا حسُنَ الاستثناءُ، عُلِمَ أنها عمتْ الأزمانَ، فحسُنَ أن يخرجَ منها بالاستثناءِ بعضُها، فإذا ثبتَ أنها تقتضي الدوامَ، وجَبَ أن تكون على عمومِها وشمولِها إلا أن تصْرفَ عنه دلالةٌ، كلفظِ العموم، يقتضي شمولَ جميعِ الأعيانِ، إلا ما أُخرِجَ عنه بدلالةٍ.

ويَدلُ عليه: أنه لو أمرَ بعبادةٍ قيّدها بوقتٍ، فقال: صل وقت الزوالِ. لتقيَّد ولزمَ فعلُه فيه مرّةً واحدةً، فإذا أطلقَهُ بغيرِ توقيتٍ له لزمَ فعلهُ في سائرِ الأوقاتِ.

ويدلى عليه أيضاً: أنَّ مطلقَ الأمرِ اقتضى إيقاعَ الفعلِ في جميعِ الأزمان، لأنَه لا تحديد فيه، فإذا قال: صُم، اقتضى إيقاع الصومِ في جميعِ الأزمانِ القابلةِ للصيام إلا ما خصَّها الدليلُ، فهو بمثابةِ قولهِ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥] عام في جميعِ الأعيان.


(١) في الأصل: "يجب"،
(٢) في الأصل: "يردان".

<<  <  ج: ص:  >  >>