للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمرِ، فإن أردتُم تناولَهُ عموماً لم نُسلِّم، وان أردتم على طريقِ البدلِ وأنه أي الأزمانِ أوقعَ فيه الفعلُ جازَ، فصحيحُ مسلمُ، لكنه لا يقتضي ما أردتُم من التكرارِ والاستمرارِ، كما لو قال: صلِّ في أي وقتٍ شئتَ.

وفارَقَ الأعيانَ، لأنه تناولَها عموماً لا على سبيلِ البدلِ، وإنّما تعلقكم بحسنِ الاستثناءِ فليس تخصيصُهُ للعموم، بل لو قال وصرح: صل في أي الأوقاتِ شئتَ. الأ وقتَ الزوالِ كَان استثناء صحيحاً، وإنْ لم يكن الأمرُ يعم سائرَ الأزمانِ، ويوضحُ هذا أنه لو حَلَفَ: ليقتُلَنَّ المشركين. لم يبرَّ إلا بالتعميم، ولو حَلَفَ: ليُصلِّين، برَّ بصلاة واحدة في وقتٍ واحدٍ، فافترق حكم الأعيانِ والأزمانِ المشار إليها هنا، وانّما الأزمانُ التي تشابهُ بعمومِها عمومَ الأعيانِ، قوله: صل الدهرَ، أو صل أبداً، فإذا صرخ باسمِ الزمان على وجهٍ يقتضي الشمولَ، كان عاماً.

قالوا: وأما قولُكم: لو قيدَ الأمرَ بوقتٍ لَلزِم إيقاعُه فيه بعينِهِ، ولَحِقَ الإثمُ والتفريطُ بتركِه فيه، واذا أطلقَهُ بغيرِ توقيتٍ، كانت جميعُ الأوقاتِ وقتاً له، وصار على التراخي. ونحنُ نقول: إنّه لا توقيتَ في المطلقِ، ولكنْ ذلكَ لا يوجبُ الدوامَ على ما وقَعَ لكم، فوجبَ أنْ يكونَ فعلُه على التراخي فقط، إذ لا يُفيدُ عدَمَ التأقيتِ والتَعيينِ إلا التراخي.

قالوا: وأما قولُكم: إن إطلاقَ الأمرِ اقتضى إيقاعَ الفعلِ في جميعِ الأزمانِ، لأنه لا تحديدَ فيه، فصارَ بمثابةِ قولِه: افعلْهُ دائماً في سائرِ الأزمانِ. فهذِا باطلُ، لأنه إذا قال: صل، أوْ: اضربْ، فلا ذِكْرَ للزمانِ فيه بذكرِ توحيدٍ ولا تَثْنِيةٍ ولا جمعٍ مُعرفٍ ولا مُنكَرٍ، وإنما المذكور جنس الفعلِ فقط، وإنما اقتضى دليل العقلِ إيقاعَهُ في وقتٍ ما غيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>