للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعلَم هاهنا حالًا أرادَ فيها كون الذي أمرَهُ بالصوم أنْ يُفطرَ، ولا الذي أمَرَهُ بالحجِ أنْ يتحللَ، ولا الذي أمَرَه بالصلاَةِ أو القيامِ أن يُسَلِّم ويجلسَ.

وأما البر في اليمينِ، فَقَدْ سَبَقَ الكلامُ عليه، وأنَه ينصرِفُ إطلاقُ اليمين إلى العُرفِ، وليسَ الدوامُ من العُرفِ، بدليلِ أنه إذا حَلَفَ: لأقومنَ على رأس فلانٍ الملكِ، ولأمشين في ركابِه بر بأيسرِ قيام، وأيسَرِ مشي، ولوَ أن الله سبحانه قال: قُمْ على رأسِ فلان، وامشِ في رِكابِه، أو قال من يُطاع من الَاذنين ذلك، فإنه لا يجوزأن يخرج ذلك المأمور من مقتضى أمرِه إلا بالقيامِ على رأسِه إلى أن ينهاهُ ويمشي في ركابِهِ إلى أن ينزل.

وأمَّا قولهم في تعلقِنا بإيجاب التكرارِ في الاعتقادِ والعزم: بأنَ ذاك يقتضي الدوامَ حتى إن تقييدَ الفعلِ لا يوجبُ تقييدهماَ، فلا يصح، لأنَّ الفعلَ إنما لم يقتضِ الدوامَ لتقييدِهِ، واقتضى الدوامَ في باب العزمِ والاعتقادِ، فكانَ إطلاقُ الأمرِ بهما هو الموجب لدوامهما، وتقييد الأمر في الفعلِ أوجب تخصصه.

وأما قولُهم: إنَ في تركِ الاعتقادِ كفراً وفي تركِ العزم إهمالًا، ولا يجوزُ ذلك في حالٍ.

فيقالُ: لو كانَ في تأخرِه تكذيبٌ، لما جاز أن يأمرَ الله سبحانَه باعتقادِ الإِيجاب وقتاً مخصوصاً، وإن كانَ تَركُ الاعتقادِ تكذيباً، وإن في تركِ الاستدَامةِ قطعاً وتركاً، ليسَ في اللفظةِ إباحتَه ولا الإِذنَ فيه، ولذلكَ يحسُنُ أن نقولَ له إذا صامَ ثم أفطر: لم أفطرت؟، وإذا قطعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>