العزم على أن سيفعل، لأن العزمَ عزم على المستقبلِ، وتوطين للنفسَ على فعلهِ، وذلك لايصح في الواقعِ الموجودِ، فلاوجه لقولهم: يجب تقديم الفعلِ كما يجبُ تقديمُ العزم.
اعترضه من يقولُ بالفورِ، فقال له: فما الدليلُ الموجِبُ لتقديم فعلِ الاعتقادِ على الفورِ؟
قال المعترضُ الذي لا يرى الفور: الدليلُ عليه أمور:
أحدها: الاتفاقُ على وجوب فعلِ الاعتقادِ على التكرارِ في جميع الأوقاتِ التي يُذكر فيها الأمر، وأنَّ الأمرَ بذلكَ ليس بأمرٍ باعتقادٍ وأخذٍ من الجنس واقع في زمنٍ واحد، وإنَّما أمر بالاعتقاداتِ على الدوامِ، واذا كانَ ذلك كذلك، لَزِمَ إيقاعُه على الفورِ وفيما بعده، وفي كلِّ وقتٍ ذُكرَ الأمرُ بالفعلِ ليتمَّ كونُه على التكرارِ، ولما لم يجب الفعلُ المعتقدُ وجوبُه على التكرار، لم يلزم إيقاعُه على الفورِ وما بَعْده، وهذا واضح في الفصلِ بين الأمرين.
اعترض عليه من يقول بالفور فقال (١): ولِمَ لَمْ يجب الفعلُ على التكرارِ كما وجب الاعتقادُ لوجوبِه؟
قال: إنَّما لم يجب لأنَّ الله تعالى لم يوجب ذلكَ، ولو أوجبه للزمَ تكرارهُ.
قال: وقد يمكن أن يقال: إنَّه إنما لم يجب على التكرار، لكونه مُضراً، وقاطعاً للحرث والنسلِ والمصالح، وليس كذلك فعل