للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا العزم في كلّ وقتٍ، لأنه لا متركَ له مع ذكِر العبادةِ إلا بالعزمِ على تركِ الواجب وكلِّ عصيانٍ، فافترق الأمران.

ومما استدلَّ القائلونَ بالفورِ أنَهم قالوا: إنه لا يخلو الأمرُ المطلقُ عن التوقيتِ من أحد ثلاثة أمور:

إما أن يكون بفعلِ الشيءِ على الدوامِ والتكرارِ.

أو يكونَ أمراً بالفعلِ على البدلِ، فيكون أمراً بفعلٍ غير معين ليوقعَه المكلف أيَّ وقتٍ شاء.

أو أن يكون أمراً بفعل واحد لا على الجمع ولا على البدل.

قالوا: وقد اتفق على أن ذلك لا يصحُ أن يقال فيما يلزمُ على التكرار، وإنَما الخلاف في فعلى واحد أو جملةٍ يصحُ أن تقدمَ ويصح أنْ تؤخر، فسقطَ هذا الوجْهُ، وإن كان أمراً بفعل على البدل غير معين، بل شائعاً في جميعِ الأوقات، فذلك باطلٌ، لأن ما هذه حاله إنَما هو أمر بافعال مخيرٌ فيها، كلُّ واحدٍ منها غيرُ صاحبهِ، يقعُ في أزمانٍ متغايرةٍ، والأمر إنما اقتضى لفظُه تعلقَه بفعل واحدٍ دون أفعالٍ كثيرةٍ يقع على الضَم أو على البدلِ والتخيير، فلا سبيلَ إلى حَمْل الأمرِ على غير موجَبه ومقتضاه، أو أن يكونَ أمراً بفعلٍ واحدٍ معين، فإن كانَ كذلك وجب أن ينظر أيَ الأزمانِ زمانُه الذي يجب أن يقع فيه، فإذا عرفنا أنَ ذلكَ الزمنَ وحده هو وقته وأنَه هو المراد إيقاعه فيه، وجب أن يكون إيقاعه فيه هو المصلحة، وإيقاعهُ في غيره مفسدة غير مراد.

قالوا -أعني هؤلاء القائلين بالفور-: وقد اتفقَ الكُلُّ على أَنَّ الأمرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>