لتسهيلِ الفعلِ على المكلفِ، فإذا قابل ذلكَ بالتركِ، تبيّنا أنه ليس بأهلٍ للرخصةِ.
وما ذلكَ إلا بمثابةِ من أهملَ فِعْلَ الصلاةِ في السفرِ وتركَ الطهارةَ ولم يُصلِّ يومَ الجمعةِ الجمعةَ، ولا الظهرَ، وهو من أهملَ الظهر، ولكنه يصحُ منه فعلُ الجمعةِ، فإنَه إذا فاتت هذه العباداتُ بتركه أثمَ مأثمَ من تركَ الصلاةَ التامةَ والطهارةَ التامةَ، ولا تبقى عليه الرخصةُ، ويعاتب على تركِ ركعتين، إذ كانت الرخصةُ في الفعلِ، فإذا فوَّتَ الفعلَ لم تتحصل الرخصة، وحوسبَ بالأصلِ.
وكذلكَ الرخص في فروضِ الكفاياتِ، فإذا تركَ الكُل أثمَ الكُلُّ مأثم الواجب المتعين، وشوى في المأثمِ بينَ من تركَ تكاسلًا، وبين من تركَ اعتمَاداً على أنَ غيره يفعلُها لا تكاسلًا منه، ولم نقل: يخص بالمأثم من كسِلَ ولم يفعل دون من اعتمدَ على غيره، وظن أن غَيره يقوم بها فلم يفعل.
وإنّما لا يأثمُ بالتركِ في الوقتِ الأولِ والأوسطِ قبل أن يخرجَ الأخير بشرط إن لم يتحصل حَصَل المأثم، وهو أن يكونَ عازِماً على الفعلِ في الوقتِ الثاني، وهو متّسعٌ للفعلِ، والعازمُ لا يكونُ تاركاً في الحقيقةِ، لأنَه فاعلٌ للعزم الممتدِّ الذى هو مقدمةُ الفعلِ، والمقربُ إليه الذى هو الأفعال المسَتقبلةُ، كالنيةِ للأعمال الحاضرة.
ولو عزبَ العزم في الوقت الأول لأثم بالتركِ، لأنه يفضي إلى أن يتلقى أمْرَ الله سبحانه بغيرِ امتثالٍ ولا عزم على الامتثال، مع إزاحةِ العللِ وتكاملِ شروطِ الفعلِ، وذلك غيرُ الإهمال.