فيقال لهم: لو كان بدلًا لسدّ مسدّ البدل، كسائرِ أبدالِ الشرعِ، كالماءِ عن التراب، والإطعام عن الصومِ، والصيام عن العتقِ، والصوم عن الدمَ في الِإحرامِ، فلما لم يسُد مسدَ البدَلِ، بل كان في الذَّمةِ بحالهِ، بطل كوُنه بدلًا، فقالوا: إنّما هو بَدَلٌ عن تقديم الفعلِ وتعجيله، لا عن أصلهِ، فإذا عزمَ كانَ عزمهُ بدلًا عن تقديم الفعلِ في كل وقتٍ كان فيه عازماً على الفعلِ في الوقتِ الذي يليه.
فصارَ كان الشرعَ يقول للمكلّف: لكَ تأخيرُ الفعلِ عن الوقتِ بشرطِ أن تكون فيه عازماً لا مُهملًا.
قال لهم المعترض عليهم: فأينَ لنا بدلٌ عن وصفِ فعلِ لا عن أصله، والتقديمُ وصفُ الصلاةِ.
فأجابوا: بأنَّ لنا مثلَ ذلكَ بصحيحِ النقلِ، ولا علينا من منعَ بمذهبِ من لم يعلم ذلك بالنقل، وهو الفديةُ الواجبةُ على الحاملِ والمرضعِ إذا خافتا على الجنين والرضيع، ويجب إطعام مسكين عن كل يوم، والصوم واجبٌ في الذّمّة، فلم تكن الفديةُ بدلًا عن أصل الصوم، لكن عن تأخيره، فكما لم يخلُ الوقتُ الأولُ في باب الصلاةِ عن عزم، لم يخلُ زمانُ رمضانَ عن إطعامٍ هو بَدَلٌ عن الصوَم فيه، لا عن أصلِ الصومِ، وكفاراتُ الِإحرامِ، وسجودُ السّهوِ بدلٌ وَجُبران عن وصفِ الصلاةِ لا عن أصلها.
وكذلكَ من وجبَ عليه عبادةٌ يعجزُ عن أدائها، وعن قضائِها إلى حين الموت، كان عزمه على فعلِها إن صحَ مسقطاً مأثَم الترك، ولا