للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثالهُ لو قال: اترك البيعَ وقتَ النداءِ من يوم الجمعة، واترك الاصطيادَ إِذا دخلت الحرمَ أو أحرمت. ثم إِنه باعَ وقتَ النداءِ، واصطادَ في الإحرام، ففاتَه التركُ وأراد أن يتركَ البيع بعد خروجِ وقتِ النهي، وكذلكَ أرادَ أن يصطادَ بعد خروجِ وقتِ تحريمِ الاصطياد، لم يكن هذا سادّاً مسدَ التركِ الذي فاتهَ في ذلكَ الوقتِ المخصوصِ، كذلك هاهنا.

ومن ذلك: أن الوقتَ الذي عُلقَ عليه الفعلُ مقصود بالفعل، ولذلك يأثمُ بالتأخرِ عنه، ويحصلُ الِإجزاءُ والثوابُ والائتمارُ بالفعلِ فيه، فمدّعي أن ما بعده من الأوقاتِ مثلُه بعَد فواتهِ في قيامهِ مقامه، فعليه الدليلُ.

ومن ذلك: أن الصيغةَ ليس فيها ذكرُ أبدالٍ للوقتِ بغيره عند الفوات، ولا أمرٍ بالقضاءِ، ولا من ناحيةِ الشرع تُعطي أن للوقتِ بدلًا، ولا أن الإيجابَ باقٍ بعدَ الفواتِ مع كونه عَرفَ الفعلَ بوقتٍ معين، فإيجابُ القضاءِ لا دليلَ عليه، ولا بُد من طلبِ دليل.

ومن ذلك: أن أصولَ الشريعةِ منقسمة إلى فعلٍ يجبُ قضاؤه كالصلوات وصوم رمضان، وفِعل لا يجبُ قضاؤه كالجمعةِ والجهادِ، فليس يمكنُ حملُ هذا الفعلِ الموقتِ على أحدهما دونَ الآخر إلا بدلالة.

فإن قيل: المكانُ لا يعدمُ فيفوت، فكذلكَ لم يجب القضاءُ ولم يجز إيجابُ الفعلِ في غيره، والزمانُ يفوت، فكذلكَ جعلنا غيرَه قائماً مقامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>