المطلقَ في عينٍ من الأعيان، لم يقتض عيناً معيّنة، ثم لو قال: اذبح أو اعتق، كان له أن يذبَح ذبيحةً، فإن كان في ملكه شاة فتلفت غيَّرها، فإنّما مقامها كذلك في الزمانِ، وليس كذلكَ إذا عيّن وقتَ الفعل، فإنه مخصّص، فصار بمثابة ما لو قال: اعتق هذه الرقبة، واذبح هذه البقرة، فماتت سقط الذبحُ والعتقُ.
وكذلكَ في النذرِ للعتقِ والأضحيةِ لا يسقط عن ذمته بموتِ الرقابِ والأنعام التي في ملكه، وتسقطُ بموتِ ما عينه من الرقابِ بالعتقِ، ومن الأنعام بالذبح.
ووجه من قال: يسقطُ بمضي الوقتِ الأول: أن الأمرَ تناولَ الوقتَ الأوَّلَ بالدليلِ الذي أوجبه كونُ الأمرِ على الفورِ، فصارَ بدلالةِ الفورِ كلفظةِ التعيينِ، فكانَ فواتُ الوقتِ الأوّلِ كفواتِ الوقتِ المعيّن.
وأجاب عن هذا مَنْ نصر الأول، وهو مذهب الرازي: بأنَّ الأمرَ وإن كان على الفور، فإنَه ليس لو صرّحَ فقال: صلِّ وعجل، لم يقتضِ ذلكَ أنَ التأخيرَ يسقطُ ولا يخرجُ الوقتَ عن كونه وقتاً للفعل، وإنما التعجيلَ صفة تعودُ إلى الوقتِ من غير تعيين، بدليل أنه إذا قال: "لله عليَّ أنْ أصومَ شهراً معجلاً، لم يسقُطْ بتأخيرٍ لعذرٍ ولا لغيرِ عذرٍ، بل يأثم لكنه يصومُ شهراً بعدَ الشهرِ الذي أخلَّ بصيامه، وبمثله لو قال: لله على أنْ أصومَ هذا اليوم، أو أذبحَ هذه الشاةَ، ففات اليوم، وماتت الشاةُ، لسقطَ الوجوب.