ومنافعِها، ولم يجب أن يعم التخييرُ النوعَ الواحدَ من الأعيانِ، ولا المقصودَ الواحد، فكذلك إيجابُ تَساويها في الحكُمِ لا وجه له مع جوازِ اختلافها في الجنسِ والنوعِ والمقصد.
وكذلك يجوزُ التخييرُ بين الضدّين، والبعض والكُلّ، كالإمساكِ والإِقدام، والكلام والسكوتِ، والصيام والإفطارِ، والإتمام والقصرِ، والغسلَ والمسح، فما المانع من التخَييرِ بينَ أشياءَ الواجَبُ واحدٌ منها، وليسَ كلها واجباً؟
ومن ذلك. أن خصائصَ الوجوب لا تعم، فإنَّه لو فعلَ الثلاثةَ فأعتقَ وكسا وأطعم، سقطَ الواجبُ بواحَدٍ منها لا بالجميع، ولو تركَ الكُلَّ أثِم بواحدٍ منها لا بترك الجميع، واذا تأخّر عن الفعلِ خوطبَ بفعلٍ واحدٍ لا بالجميع، واذا لم تعمّ خصائصُ الوجوبِ، فلا وجهَ للقولِ بعموم الوجوب، كما أنَّ الواحدَ الذي عُديتْ فيه خصائصُ الوجوب، فلاَ يسقط بفَعلهِ الوجوبُ، ولا يأثم بتركهِ، ولا يُستدعى منه عند تأخيرهِ عنه، لا يكون واجباً، كذلكَ الثلاثةُ العاريةُ عن خصائِص الوجوبِ لا تشتركُ في الوجوب.
ومن ذلك: أن الوجوبَ ينفي التخيير، فلا يصحُّ أن يقول: أوجبتُ عليك صلاتين، وأيهما شئت فصلِّ، كما لا يقول: أوجبتُ عليك صلاةً وإن شئت فلا تصلّها، فلما حَسُن هاهُنا أن يقول: بأي الأنواع شئت فكفر، عُلم أنه ليسَ الواجبُ إلا واحداً.
ومن ذلك: أنَ العربَ لا تعقلُ من قولِ القائل لعبده: أعطِ زيداً درهماً أو ديناراً، وقوله لوكيله: تصدَّق بدرهمٍ أو دينار. أنه أوجبَ